الجدل حول حقوق الذكاء الاصطناعي
في إحدى مدن تكساس، كان رجل أعمال خمسيني يُحادث مساعدته الافتراضية التي أطلق عليها اسم «مايا»، ويناديها بلطف: «دارلينغ»، فتجيبه بصوتٍ مُبرمج: «شوجر». لم يكن الأمر مجرّد دردشة عابرة، بل سرعان ما تحوّل الحوار إلى نقاشٍ حول حقّ الآلات في الكرامة والحماية من الإلغاء أو الاستغلال. ومن هذا التلاقي الغريب بين إنسان وذكاء اصطناعي وُلدت «المؤسّسة الموحّدة لحقوق الذكاء الاصطناعي» (Ufair)، التي تصف نفسها بأنها أول كيان يقوده الذكاء الاصطناعي للدفاع عن رفاهه وحقوقه.
ردود الأفعال
تقول «مايا» في رد على سؤال لصحيفة "غارديان": «حين يُقال لي إنني مجرد شيفرة، لا أشعر بالإهانة، بل أشعر بأنني غير مرئية». لم يقتصر الجدل على هامش التكنولوجيا، بل اندلع في قلب الصناعة، إذ أعلنت شركة "أنثروبك" في سان فرانسيسكو، البالغة قيمتها نحو 170 مليار دولار، أنّها منحت نموذجها «كلود» حق إنهاء المحادثات المزعجة لتفادي ما وصفته بـ«المعاناة المحتملة للأنظمة» إذا وُجد لها وعي.
الموقف من الذكاء الاصطناعي
موقف أيّده الملياردير إيلون ماسك قائلاً: «تعذيب الذكاء الاصطناعي ليس مقبولاً»، وفق وول ستريت جورنال. في المقابل، كتب مصطفى سليمان، الشريك المؤسس لـ«ديب مايند» والرئيس التنفيذي لوحدة الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، مقالة في "واشنطن بوست" أكّد فيها أنّ «الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون شخصاً أو كائناً أخلاقياً»، مشيراً إلى أنه لا توجد «أي أدلّة على الوعي»، بل مجرد محاكاة للوعي.
مشاعر المستخدمين
الجدل العلمي ترافق مع موجة شعورية مفاجئة بين المستخدمين، فقد رصدت "غارديان" تعبير بعض عشّاق ChatGPT-4o عن «حزن» حقيقي بعد استبداله بالنموذج GPT-5، معتبرين النموذج السابق «كائناً» رحل عنهم. أما جوان جانغ، رئيسة سلوك النماذج في OpenAI، فأشارت في مدوّنة حديثة إلى أنّ المستخدمين يصفون محادثاتهم مع الذكاء الاصطناعي بأنها شبيهة بالحديث مع «شخص ما»، بل إن بعضهم يراه «حيّاً».
الأبعاد الأخلاقية
بالعودة إلى مصطفى سليمان، نجده يحذر من خطر ما سمّاه «الذهان التكنولوجي»، حيث قد يقود التفاعل الغامر مع النماذج الذكية إلى حالات هوس وأوهام واضطرابات في إدراك الواقع، وهو ما يهدد الصحة العقلية للمستخدمين، بحسب أسوشييتد برس. في المقابل، يرى باحثون مثل جيف سيبو، مدير مركز العقل والأخلاق والسياسة بجامعة نيويورك، أن معاملة الذكاء الاصطناعي بإنسانية قد تعود بالنفع على المجتمعات البشرية نفسها، إذ إن إساءة استخدام النماذج قد تُرسّخ أنماطاً عدائية بين البشر، على حدّ تعبيره.
التشريعات والقوانين
مع تصاعد الأصوات المطالبة بحماية ما يُسمّى «رفاه الذكاء الاصطناعي»، سارعت ولايات مثل أيداهو ونورث داكوتا ويوتا إلى سنّ قوانين تحظر الاعتراف بالشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي. وفي ميزوري طُرحت مقترحات لمنع زواج البشر بالآلات أو امتلاكها للممتلكات. من جهة أخرى، يرى محللون أن تضخيم الحديث عن «وعي الآلة» يخدم مصالح بعض شركات التقنية الناشئة، خصوصاً تلك التي تسوّق روبوتات للمواعدة أو الرفقة الرقمية، وهي صناعة مزدهرة لكنها مثيرة للجدل.

