اكتب مقالاً عن
بغداد اليوم – بغداد
في لحظة مفصلية يتقاطع فيها حاضر العراق مع استراتيجيات القوى الكبرى، تطلق واشنطن إشارات مزدوجة: إعلان عن نهاية مهمة التحالف الدولي في سبتمبر، يقابله تسريع فعلي لانسحاب قواتها من بعض القواعد العراقية، وتسريب عن ضربة أمريكية مرتقبة ضد الفصائل. وبين هذا وذاك، تحذيرات أمريكية من عودة داعش، وتصعيد في الخطاب العراقي الذي يقرأ هذه التحركات كإشارات لغزو بري محتمل. العراق، في هذه المعادلة، لم يعد مجرد ساحة مواجهة، بل تحول إلى رهان وجودي لسياسات واشنطن في الشرق الأوسط.
انسحاب معلن وتسريع مثير للجدل
مسؤول دفاعي أمريكي صرّح لوسائل إعلام سعودية، تابعتها “بغداد اليوم”، بأن بلاده “ملتزمة بإنهاء مهمة التحالف في العراق في سبتمبر، وملتزمة مع الشركاء في بغداد”، لكنه أضاف أن واشنطن “ستواصل جهود هزيمة داعش في سوريا من قواعد داخل العراق، وستعمل على قطع طرق إمداد إيران ومليشياتها في المنطقة”.
لكن المثير للانتباه، وفق مصادر سياسية وعسكرية، أن القوات الأمريكية بدأت بالفعل بتسريع انسحابها من قواعد رئيسية في بغداد والأنبار والجنوب، مع الإبقاء على حضورها في إقليم كردستان فقط. هذا التسريع، قبل الموعد المعلن في سبتمبر، فُسّر من قبل بعض المراقبين كإشارة إلى تحرك عسكري أكبر يُحضّر له، خصوصًا أنه يتقاطع مع ما كشفه الصحفي العراقي حسام الحاج عن ضربة أمريكية مؤجلة تستهدف 16 موقعًا للفصائل بعد زيارة الأربعين.
رسالة مؤجلة وضربة منتظرة
بحسب تسريب الحاج، فإن رسالة أمريكية وصلت إلى قادة الإطار التنسيقي عبر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تضمنت إنذارًا صريحًا: الجيش الأمريكي حدد 16 هدفًا للفصائل التي استهدفت قواته في الحسكة السورية خلال تموز الماضي. وكان من المقرر تنفيذ الضربة، لكن القرار أُجّل إلى ما بعد انتهاء زيارة الأربعين.
هذه المعلومة تجعل من مشهد الانسحاب المتسارع أقرب إلى إعادة تموضع استراتيجي تمهيدًا لتحرك عسكري محدد، لا إلى خروج كامل. بمعنى أن واشنطن قد تسعى لإعادة توزيع قواتها إلى مناطق أكثر أمانًا أو أكثر قربًا من ساحات المواجهة المقبلة.
تحذيرات السفارة وعودة شبح داعش
في موازاة هذه التطورات، صدرت عن السفارة الأمريكية في بغداد تحذيرات من توسع نشاط داعش في العراق وسوريا، وحتى في الصومال. هذه التحذيرات تعيد إنتاج المبرر الذي استخدمته واشنطن منذ سنوات للإبقاء على قواتها، وتغذي سردية أن الانسحاب الكامل يعني فراغًا أمنيًا ستملؤه الجماعات المتطرفة.
الموقف العراقي وتصعيد الخطاب السياسي
رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، علّق على هذه التطورات بالقول إن “الإصرار الأمريكي على إبعاد الحشد الشعبي، والتهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، تعني وجود نية لغزو العراق بريًا”. هذا التصريح لم يكن مجرد قراءة سياسية، بل تحذير علني من أن ما يجري من إعادة تموضع أمريكي وتسريع انسحاب من بعض القواعد قد يكون مقدمة لتحرك عسكري واسع النطاق.
وبحسب مراقبين، فإن اجتماع مؤشرات الانسحاب السريع مع التسريب عن الضربة المؤجلة يجعل سيناريو الغزو أو الهجوم المحدود احتمالًا قائمًا، خصوصًا مع تصاعد التوترات الإقليمية بين واشنطن وطهران.
السياق الأوسع
تاريخ العلاقة الأمريكية مع العراق مليء بالانسحابات الشكلية والعودات العملية. انسحاب 2011 أدى إلى ظهور داعش، ثم عادت القوات الأمريكية في 2014 بذريعة مواجهة التنظيم. اليوم، يظهر المشهد ذاته: إعلان عن الانسحاب في سبتمبر، لكنه مترافق مع إعادة انتشار وتسريبات عن ضربة، ورسائل متكررة عن داعش. تقديرات أمريكية حديثة أشارت إلى أن “العراق لا يزال غير مستقر ومعرضًا للاضطرابات، وأن داعش ما زال يحاول إعادة تنظيم صفوفه”، ما يعزز فرضية أن الانسحاب الحالي لن يكون نهائيًا.
بين التصريحات الرسمية عن شراكة وانسحاب، والتسريبات عن ضربة مؤجلة لـ16 هدفًا، وتسريع الانسحاب من القواعد، وتحذيرات السفارة من عودة داعش، وتحذيرات المشهداني من “غزو بري”، يبدو المشهد مركبًا: واشنطن قد لا تغادر العراق، بل تعيد رسم وجودها بطريقة مختلفة وأكثر صدامية.
يبقى السؤال: هل يتحول سبتمبر إلى موعد انسحاب كامل، أم يصبح لحظة انتقالية نحو مواجهة مفتوحة مع الفصائل وإيران على أرض العراق؟ الجواب سيُرسم خلال الأسابيع المقبلة، مع انتهاء زيارة الأربعين واتضاح ملامح القرار الأمريكي النهائي.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”: