كنوز مدفونة في قلب آسيا
تملك باكستان ثروة معدنية هائلة، تكتسي أهمية كبيرة في السوق العالمية. تتراوح قيمة هذه الموارد بين 5 و8 تريليونات دولار، مما يضع باكستان في مصاف الدول الأغنى عالميًا من حيث الاحتياطيات الطبيعية. تضم باكستان خامس أكبر احتياطي عالمي من النحاس والذهب، بالإضافة إلى ثاني أكبر احتياطي عالمي من رواسب الفحم. كما تتوفر فيها المعادن المستقبلية مثل الليثيوم والكوبالت والمعادن الأرضية النادرة، والتي تعد شريانًا أساسيًا لثورة التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
واشنطن على الخط: المعادن أولوية استراتيجية
الاهتمام الأميركي بالثروة الباكستانية لم يعد سرًا. فقد أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على أن الأمر يتجاوز الجانب الاقتصادي ليشكل ركيزة استراتيجية في السياسة الأميركية تجاه آسيا. هذا الاهتمام تزامن مع توقيع اتفاق تجاري بين إسلام آباد وواشنطن، يتضمن التزامات استثمارية من الجانب الأميركي.
اقتصاد هش يبحث عن التحفيز
على الرغم من حجم الثروات الطبيعية، يبقى الاقتصاد الباكستاني في موقع هش نسبيًا. يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نحو 373 مليار دولار، فيما سجل حجم التبادل التجاري نحو 89 مليار دولار. يعاني الاقتصاد من معدل بطالة يبلغ 6.3 بالمئة، فيما لم يتجاوز معدل النمو في السنة المالية 2025 نسبة 2.7 بالمئة.
الصفقة التجارية مع الولايات المتحدة: بارقة أمل
في حديثه إلى برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، أوضح وزير الدولة للشؤون المالية في باكستان بلال أزهر كياني أن الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة تمثل تحولًا مهمًا لبلاده. وقال كياني: "لقد توصلنا إلى بعض العناوين، فبعد أن كانت الرسوم الجمركية تصل إلى 29 بالمئة تم خفضها إلى 19 بالمئة".
التحديات العالمية والتأثير المحلي
لا تخفى على كياني التحديات التي يواجهها الاقتصاد الباكستاني في ظل الاضطرابات التجارية العالمية. قال: "مثل معظم الدول، باكستان غير محصنة من التغييرات على المستوى الاقتصادي العالمي. لكن هذه الصفقة التجارية ستؤدي إلى نمو إيجابي بالنسبة لنا فيما يتعلق بالصادرات والتحسين المستدام للاحتياطي من العملات الصعبة".
الركائز الخمس للإصلاح الاقتصادي
استعرض كياني ما وصفه بـ"الرحلة الاقتصادية الكبرى" التي تخوضها بلاده، والتي تقوم على خمس ركائز أساسية: تعزيز الصادرات، الرقمنة، التكيف مع التغير المناخي، إصلاح قطاع الطاقة، نمو الناتج المحلي.
بين التغير المناخي والاقتصاد
من اللافت أن كياني لم يغفل الإشارة إلى البعد البيئي، مؤكدًا أن باكستان من أكثر الدول تأثرًا بالتغير المناخي رغم أنها من أقل المساهمين في الانبعاثات عالميًا. وأشار إلى أن الفيضانات التي اجتاحت البلاد منذ 2022 كشفت حجم الهشاشة أمام الظواهر المناخية المتطرفة.
شراكة مع الإمارات: المعرفة قوة
في جانب آخر من حديثه، استعرض الوزير الباكستاني نتائج زيارة وفد بلاده إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي جاءت في إطار مذكرة تفاهم بين البلدين. قال: "كانت زيارة مثيرة للاهتمام، التقينا خلالها العديد من الوزراء والمسؤولين الإماراتيين. تلقينا رؤى قيمة حول تقييم الأداء الحكومي والإدارة الإعلامية".
باكستان بين الفرصة والتحدي
اليوم، تقف باكستان عند مفترق طرق. فمن جهة، تمتلك ثروة معدنية هائلة قد تعيد تشكيل اقتصادها وتضعها في مصاف القوى الاقتصادية العالمية. ومن جهة أخرى، تواجه تحديات داخلية وخارجية ضخمة، من الديون والتغير المناخي إلى المنافسة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين.

