في زحمة الحياة وصخب المدينة، يقف عمال النظافة كحراس خفيين للنقاء، يتحدون لهيب الشمس الحارقة ودرجة الحرارة التي تتجاوز حدود الاحتمال، حاملين في قلوبهم رسالة لا تعرف الانكسار. هؤلاء الرجال الذين يخرجون كل يوم ليزرعوا الأمل في شوارعنا، ينثرون العرق بدلاً من الورود، ويجعلون من الكفاح نبراسًا يضيء الظلام.
الظروف الطقسية التي تقف كجدار عالٍ أمام من يعملون تحت سماء الله، لم تكن يوماً عائقًا يوقف عزيمتهم أو يطفئ شعلة إيمانهم برسالة مقدسة، فهم لا يرون في عملهم مجرد وظيفة، بل يقدسون كل لحظة يقضونها في تنظيف شوارعنا، يدركون أن نظافة المدينة هي نظافة للروح، وأن كل خطوة يخطونها على الأرض تحمل رسالة حب وتفانٍ، هم الجنود المجهولون الذين لا تذكرهم الصحف إلا نادراً، ولكنهم في الواقع يستحقون كل تحية وكل احترام.
في حرارة الشمس المشتعلة، ينحتون بأيديهم أرصفة الحياة، ويزرعون أملًا في كل زاوية، العرق الذي ينساب على جباههم ليس فقط تعبيراً عن التعب، بل شهادة صدق وعمل لا ينضب، هم الذين يعلموننا معنى الكرامة التي لا تُشترى، ويذكروننا بأن العيش الكريم يبدأ بالعمل الشريف.
في كل كومة قمامة يُزيلونها، وفي كل شارع يلمعون نظافته، هناك قصة صبر وكفاح، وقصة وطن يعشق أبنائه.
تحية لهم، أولئك الذين يرسمون بسواعدهم صورة مصر النقية، ويجعلون من عرقهم تاجًا على جبين العمل، هم رمز الصمود، وهم القصة الحية التي لا تتوقف عن إلهامنا جميعًا، لنعترف لهم بالجميل، ولندعمهم بكل الطرق، فهم يستحقون أن يكونوا في قلب كل حديث وكل تقدير.