أهم ما تملكه مصر هى قواها الناعمة، فهى الحارس الأمين لهذا الوطن عبر التاريخ، وهى التى تصدت لكل محاولات تغيير الهوية الوطنية المصرية، قديما وحديثا.
وعبر تاريخها حفلت مصر بعدد كبير من الرموز والشخصيات، التى أثرت الواقعين الثقافى والإعلامى فى مصر والعالم العربى، وصنعت “مدارس” وأجيال من الكفاءات النادرة.
وسط كل هذه التحولات، التى يشهدها العالم من حولنا، والتى كان لها أكبر التأثير على المنطقة وما يدور فيها، كان لابد للإعلام المصرى، أن يمثل “حائط الصد”، ضد كل محاولات تغيير الهوية الوطنية، كذلك لعب دور يعكس قيمته وحجمه فى قضية الوعى، وأن يستطيع المنافسة -بكل قدرة وقوة- فى عالم “النيو ميديا” وأدواته وشخوصه.
سعدت – وسعد ملايين المصريين – بالاجتماع المهم الذى عقده السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى قبل أيام مع كل من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والمهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وأحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.
ولنا أن نتوقف أمام نقاط بالغة الأهمية تطرق إليها الاجتماع، ومنها إشادة السيد الرئيس بالدور الحيوى الذى يضطلع به الإعلام المصرى فى بناء الشخصية الوطنية، وتشكيل وعى المواطنين، وتعريفهم بالمستجدات والتطورات على الساحتين المحلية والدولية، إلى جانب إبراز الإنجازات المحققة، والارتقاء بالذوق العام، وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية، كذلك تأكيد الرئيس على التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير، واحتضان كل الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكرى.
ومن أبرز النقاط، توجيه السيد الرئيس بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، وذلك بالاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطنى للتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة، إضافة إلى توجيه آخر من السيد الرئيس بأهمية إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خاصة فى أوقات الأزمات التى تحظى باهتمام الرأى العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيدًا عن المغالاة فى الطرح أو النقص فى العرض.
وخلال الاجتماع شدد السيد الرئيس على أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامى، وتنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين فى هذا المجال، مع التركيز على مفاهيم الأمن القومى، والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ “الرأى والرأى الآخر” داخل المنظومة الإعلامية المصرية.
إذن نحن أمام ثورة حقيقية لتطوير الإعلام المصرى يدعمها السيد الرئيس بنفسه..
وبموضوعية شديدة، فالإعلام المصرى لكى يصبح إعلامًا قويًا ومؤثرًا، يحتاج لمجموعة عناصر مترابطة، بعضها مهنى وبعضها الآخر إدارى مرتبط بحرية العمل، ومنها تقديم الحقائق كاملة وبسرعة، مع الابتعاد عن المبالغات فى الوصف أو حجم التواجد الإعلامى.
ومن النقاط التى يمكن أن نتوقف بكل تقدير واحترام أمامها، تمكين الصحفيين والإعلاميين من طرح كل القضايا وتعددية الأصوات وعدم احتكار وجهة نظر واحدة.
الجانب المهنى – هو الآخر – لابد وأن يعتمد على تطوير مهارات الصحفيين والمعدين والمذيعين فى مجالات البحث والتحقيق والتحليل والتوثيق.
وتظل البنية التكنولوجية هى أساس أى تطوير، من أستوديوهات، منصات رقمية قوية، ومواكبة لأساليب البث الحديثة OTT، البث المباشر عبر الإنترنت.
يبقى فى النهاية “المحتوى”، أو كما يقول عنه الغرب: “المحتوى هو الملك”، من تقديم برامج سياسية، اقتصادية، ثقافية، فنية، علمية، وبرامج تفاعلية تهم كل فئات المجتمع، وشرائحه العمرية، والابتعاد عن النمطية المملة وتكرار نفس الوجوه والموضوعات، التى قتلت بحثا وعرضا!
يبقى الجمهور هو الجالس على عرش المشاهدة والتقييم، فلابد من فتح قنوات تواصل حقيقية مع المواطنين، والسماح لهم بالمشاركة فى صناعة المحتوى، وهذا لا يعنى الجمهور المحلى فقط، ولكن إنتاج محتوى يصلح للتصدير للخارج، ويعكس قيمة مصر الحقيقية، بمختلف اللغات الأجنبية.
الإعلام القوى والمؤثر .. هو مرآة عاكسه لدولة قوية .. عمرها من قدم الزمان ..