وصلتني نصيحة من صديق أرادني أن أتناول أحداثاً وشؤوناً أخرى غير يمنية؛ لأن الأخيرة طالت إلى حد لا يغري بالمتابعة، وضاعت وسط زحام مستجدات تذهل الألباب. ختم نصيحته مشجعاً «إن في إمكانك أبدع من ذلك وأمتع».
أحاول العمل بهذه النصيحة الودودة -مع ملاحظات غيرها- تعتبر زاداً مهماً أثناء رحلة الكتابة؛ رغم أنني روضتُ قلمي على تدوين ما يتيسر من أهم وأدق أخبار اليمن وبحث تاريخه وتوثيق شؤونه وعلاقاته المتنوعة، وأحواله سلماً وحرباً، اضطراباً واستقراراً نسبياً، لا سيما:
«إنها أرضي وهُم ناسي بهاوسأحياها عماراً أو خراباً»لكن تداعيات «اليمننة»، وهي من أكثر الأشياء جدلاً، تفرض الاهتمام بها مهما انشغلنا عنها وتشاغلنا. في كتابه الممتع «جوهرة في يد فحام»، يقول الدبلوماسي الأديب والإعلامي الأستاذ تركي الدخيل: «في اليمن حراك لا يُفهَم يجعله محور اهتمام العالم؛ وإلى اليوم لا ينقضي أسبوع إلا ويحدث فيه ما هو جدير بالرصد والتغطية». آخر ما تصدر «الترند» من «يمانيات» متلاحقة خلال أسبوعين بدءاً من:
– سك وطباعة نقود جديدة بمناطق جماعة «أنصار الله» الحوثيين، أقلقت المبعوث الأممي غروندبرغ!
– ضبط «المقاومة الوطنية» صفقة أسلحة مهربة للحوثيين.
– تنقلات رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بين عواصم يمنية وعربية.
– فعاليات اجتماعية يمنية في الرياض والقاهرة.
– بث فيلم وثائقي أنتجته قناة «العربية» تحت عنوان «المعركة الأخيرة» للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
– إصدار الحوثيين حكماً غيابياً (وغبياً!) بإعدام السفير أحمد علي عبد الله صالح!
– تداعيات صدور بيان عن إحدى مجموعات القطاع الخاص.
– تشكيك بعض المتابعين في إجراءات حكومية وخشية بعض آخر من «إيماضة الانطفاء» التي تضمنتها مقدمة عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي اليمني. علاوة على إشاعات أخرى مقلقة.
«دع الحياة وابدأ القلق» والكآبة الجماعية وسط مناطق الأزمات، خلافاً لدعوة ديل كارنيغي الشهيرة: «دع القلق وابدأ الحياة». في اليمن، تطبيق حي لذلك. لا تسأل: «لماذا؟»، الجواب معروف: إنها الحرب؛ ومَن يقرع طبولها لن نقول له: «دع الحرب وابدأ السلام» الذي لا يستسيغه، ما دام يتخلى عن مسؤوليته تجاه السلام الداخلي ويتسلى بخوض حرب خارجية!
«دع الحرب وابدأ السلام» نداءٌ موجه لمن يدرك ضرورة #السلام_لليمن وجدواه لكل بلدان المنطقة، ومن ثمّ يحرك المياه الراكدة؛ لقد شرعت الحكومة، بعد تعيين الرئيس الجديد سالم بن بريك، خطوات عملية تستهدف تحسين وضع العملة، وتنقل النفوس من اليأس إلى الأمل الذي سيتضاعف أكثر عند تلبية بقية المتطلبات:
– توريد كافة موارد الجهات الإيرادية.
– إعادة تصدير النفط والغاز.
– ربط بقية حسابات فروع البنك المركزي.
سيتضاعف الأمل أيضاً حال استيعاب حقيقة أن أي خطوة حكومية إيجابية لا تُحتَسَب لصالح جهة أو فرد بعينه ما دامت معظم الفعاليات السياسية تنتظم ضمن فريق يمني واحد، ومن البديهي تضافر جهودهم جميعاً لدعم حكومة تبدو جادة في تحقيق مستهدفاتها، وتستحق إسناد الأشقاء والأصدقاء.
لا غرو أن الحكومة بكافة قطاعاتها وأهمها البنك المركزي اليمني، غير مكتفية بما حققت خلال أمد قصير في مناطق سيطرتها، وتعتزم المزيد؛ ومن أوجب الواجبات تشجيع مواصلة اتخاذ إجراءات تُلهم كل يمنية ويمني كيف يبدأ الحياة ويودع القلق على «يمنٍ» يستحق الاستقرار والنماء والسلام أكثر من الاضطراب والخراب والحرب، ولكي يغري بمتابعة شؤونه.