فى عالم السياسة، كثيرون يجيدون الظهور، وقليلون يُجيدون الفعل. لكن المستشار محمود فوزي، وزير شؤون المجالس النيابية، جمع بين هدوء الحكمة، وعمق الفهم، وصدق الأداء، ليُصبح نموذجًا يُحتذى به للوزير السياسى المحنّك، الذى يزن كلماته بميزان العقل، ويتقدّم بخطاه بثبات، ويؤمن أن خدمة الوطن تبدأ من الإلمام الواعى بالتفاصيل، وتنتهى بثقة القيادة والشعب.
منذ توليه مسؤوليته، أثبت الوزير محمود فوزى أنه ليس مجرد واجهة تنفيذية، بل عقل قانونى رفيع الطراز، وصوت هادئ ينطق بالحكمة داخل أروقة البرلمان، حيث وقف أكثر من مرة تحت القبة، يرد على الاستجوابات والأسئلة والانتقادات، لا بانفعال، بل ببلاغة راقية، وسرعة بديهة تُدهش الخصوم قبل الحلفاء، مستندًا إلى إلمام دقيق بكافة تفاصيل التشريعات والقوانين، الأمر الذى جعل حضوره تحت القبة محل احترام الجميع.
ورغم صعوبة المشهد السياسى وتقلباته، تميّز المستشار فوزى بعلاقات متوازنة وراقية مع مختلف التيارات السياسية تحت قبة البرلمان. لم ينحَز لطرف دون آخر، بل كان ممثلًا حقيقيًا للحكومة أمام النواب، ومُعبّرًا أمينًا عن صوت الدولة بلغة القانون لا التبرير، وبحكمة الشارح لا المتعالي، وهو ما أكسبه احترام مختلف القوى السياسية، بما فيها المعارضة الوطنية، التى لم تجد فى أدائه ما يُثير خلافًا أو يُثير ريبة.
القيادة السياسية أيضًا لم تتوانَ عن التعبير عن ثقتها فى أدائه، وهو ما ظهر جليًا فى تكليفه بأدوار دقيقة داخل المنظومة الحكومية، مستفيدًا من خلفيته القضائية والتشريعية، وتجربته الطويلة داخل مجلس النواب، حيث سبق أن تولى منصب الأمين العام للمجلس، فاكتسب من هذا المنصب خبرة متراكمة قلّ أن تجتمع فى مسؤول تنفيذي، وعرف كيف تدار المشاهد من الداخل، فكان خير من يمثل الحكومة فى مواجهة النواب، وخير من ينقل تطلعات البرلمان إلى القيادة التنفيذية.
أما شخصيته، فهنا تتجلى السمات التى تميز القادة الهادئين… لا صخب، لا تصدّر، لا افتعال، وإنما تركيز بالغ، وإنصات عميق، وهدوء يُغلفه الحسم إذا لزم الأمر. فهو من أولئك القادة الذين يفهمون أن الجدل لا يُربح بالكلام العالي، بل بالحقائق والمنطق، وأن احترام العقول أول أبواب بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين.
لقد شكّل المستشار محمود فوزى نموذجًا مشرفًا للوزير الذى يفهم دوره، ويُتقن لغته، ويتعامل مع منصبه كأمانة لا كمنصة استعراض. جمع بين قوة القانون، ومرونة السياسة، وتوازن الإدارة، واحتراف التواصل مع جميع الأطراف، فاستحق أن يُطلق عليه بحق: الوزير السياسى المحنك.
ولأن الكفاءة لا تَخفى، والثقة لا تُمنح إلا لمن يستحق، فقد جاءت الإشارة الرئاسية واضحة بتكليفه بمهمة من العيار الثقيل، حين تم اختياره ليتولى رئاسة الحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسى فى انتخابات 2024. وهو اختيار لم يكن مجرد إجراء تنظيمي، بل تعبير صريح عن الثقة فى قدراته الشخصية والمهنية والسياسية. وقد أدار المستشار فوزى الحملة بكفاءة يُشهد لها، بخطاب سياسى منضبط، بعيد عن الشعبوية، مرتكز على الإنجاز، ومعتمد على خطاب واقعى يراعى التحديات ويصوغ الأمل بلغة العقل لا العاطفة.
ولم يكد يُنهى هذا الدور بنجاح، حتى برز اسمه مجددًا فى لحظة وطنية فاصلة، حين قررت الدولة إطلاق الحوار الوطنى كآلية لتوسيع دائرة المشاركة والاستماع إلى جميع الأطياف. فكان للمستشار محمود فوزى دور محورى فى تنسيق الحوار وإدارته، حيث تولى ببراعة ملف الربط بين مكونات المشهد السياسى والفكري، واستطاع بما لديه من حنكة وخبرة أن يخلق مناخًا إيجابيًا يُشجّع على التفاهم، ويؤسس لمسار توافقى يحفظ للدولة هيبتها، وللرأى العام تنوعه، وللعملية السياسية استقرارها.
لقد كان أداءه فى الحوار نموذجًا يُدرّس فى الإدارة السياسية الرشيدة؛ لم يفرض وصاية على طرف، ولم يُقص أحدًا، بل التزم بدور الوسيط الوطنى الذى يفتح الباب للجميع، ويستمع بعقل الدولة لا بهوى الأشخاص، ويُعيد ترتيب الأوراق بما يخدم المصلحة العليا للوطن.
وإلى جانب مهامه الرسمية، تميّز المستشار محمود فوزى بتواصل فعّال ودائم مع كافة الأحزاب والقوى السياسية على اختلاف توجهاتها. لم يتخذ موقع الوزير منصة منفصلة، بل جعل من حضوره المتواصل فى الفعاليات الحزبية والأنشطة السياسية والمناسبات الوطنية سمة أصيلة فى أدائه، ما أكسبه ثقة تلك الكيانات، وأشاع روحًا من التقدير المتبادل. وقد نجح من خلال هذا الحضور الفاعل فى بناء جسور حقيقية من الحوار والاحترام، وأسهم فى ترسيخ أجواء سياسية تعبّر عن روح الجمهورية الجديدة القائمة على الشراكة والشفافية والانفتاح، لا على الإقصاء والانغلاق.
إن المستشار محمود فوزى هو بحق من النماذج النادرة فى الحياة العامة: مسؤول لا يُكثر الكلام، لكنه حين يتحدث يُصيب، وحين يتحرك يُنجز، وحين يواجه يُقنع، وحين يُكلف يُخلص. وفى زمن يبحث الناس فيه عن القدوة فى الأداء لا فى الشعارات، يظل المستشار فوزى علامة بارزة على أن الكفاءة حين تُمنح الفرصة، تُثمر ثقة، وتبنى دولة.

