التوترات بين بغداد وواشنطن حول مستقبل الحشد الشعبي
خلفيات التدخل الأمريكي
تتواصل الفصول الحسابية للتوتر بين بغداد وواشنطن حول مستقبل الحشد الشعبي، مع تصاعد الحديث حول تعديلات محتملة على قانونه. يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية، مصطفى الطائي، أن هذا التدخل الأمريكي يأتي في إطار استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل التوازنات الأمنية في العراق، بما يخدم المصالح الإقليمية للولايات المتحدة ويحدّ من النفوذ الإيراني.
تأسيس الحشد الشعبي وتاريخه
تأسس الحشد الشعبي بفتوى "الجهاد الكفائي" عام 2014، عقب اجتياح تنظيم داعش لمساحات واسعة من العراق. تم تحويله إلى هيئة رسمية بموجب قانون رقم 40 لسنة 2016، والذي يربطه برئيس مجلس الوزراء بوصفه القائد العام للقوات المسلحة.然而، ظلت هذه الصيغة القانونية محل جدل داخلي وخارجي، خصوصًا من قبل الولايات المتحدة التي تتعامل بحذر معه.
دوافع التدخل الأمريكي
يؤكد مصطفى الطائي أن التدخل الأمريكي في مسار تشريع أو تعديل قانون الحشد الشعبي يأتي في إطار محاولات واشنطن المستمرة لإعادة تشكيل التوازنات الأمنية والسياسية في العراق بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية. يشكل الحشد الشعبي، من وجهة نظر واشنطن، قوة مسلحة تخرج عن نطاق التأثير الأمريكي التقليدي داخل المؤسسات العراقية، ما يدفع الولايات المتحدة إلى استخدام أدواتها السياسية والدبلوماسية للضغط على الحكومة العراقية بهدف التأثير على شكل القانون الذي ينظم وضع الحشد.
تأثير الضغوط الخارجية
يرى الطائي أن التحركات الأخيرة للسفارة الأمريكية وعدد من مراكز الضغط داخل بغداد تعكس قلقًا واضحًا من قانون الحشد، وهو ما تعتبره تهديدًا مباشرًا لمصالحها وللوجود العسكري الأمريكي في العراق والمنطقة. هذا القلق يزداد مع التصعيد الإقليمي وتوتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية، ما يجعل الحشد عنصرًا حساسًا في أي معادلة أمنية في البلاد.
الحاجة إلى القرار الوطني
رغم هذه الضغوط، يؤكد الطائي أن أي خطوة نحو تعديل قانون الحشد أو إعادة هيكلته يجب أن تكون خاضعة للقرار العراقي الوطني فقط. يشدد على أن أي تعديل أو تطوير في قانون الحشد الشعبي يجب أن يكون قرارًا وطنيًا ينبع من الحاجة العراقية الداخلية، بعيدًا عن الضغوط الخارجية من أي طرف كان.
المخاطر المحتملة
يرى مراقبون أن الخضوع لأي تدخل خارجي في هذا الملف الحساس قد يفتح الباب أمام اضطراب أكبر في التوازنات الداخلية، خاصة في ظل احتدام الصراعات بين القوى السياسية وضعف الثقة بين أطراف العملية السياسية والانقسامات حول مستقبل العراق الأمني والسيادي.

