الوضع الراهن للعلاقات العراقية السعودية
تتواصل حالة الشد والجذب داخل أروقة البرلمان العراقي بشأن الاتفاقية التجارية المقترحة بين بغداد والرياض، في وقت يُطرح فيه مشروع قانون “حماية المستثمر السعودي” كمبادرة لإعادة بناء الثقة في بيئة الاستثمار العراقي. وبينما تسعى بعض الجهات إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع السعودية بوصفها شريكًا إقليميًا ذا ثقل، يقف طيف سياسي معيّن في موقع الاعتراض، مؤكدًا وجود ملاحظات فنية ومضمونية على الصيغة الحالية للاتفاق، ما أعاد النقاش إلى نقطة الصفر.
التطورات في العلاقات العراقية السعودية
وشهدت العلاقات العراقية السعودية خلال السنوات الأخيرة دفعة ملحوظة في المسار السياسي والاقتصادي، مع توقيع مذكرات تفاهم وتكثيف الزيارات الرسمية بين الطرفين. وفي ظل سعي العراق لتنويع اقتصاده وجذب الاستثمارات غير النفطية، برز مشروع قانون “حماية المستثمر السعودي” كجزء من هذه المبادرات.
رؤية الخبراء الاقتصاديين
وقد أشاد خبراء اقتصاديون بالتجربة السعودية، معتبرينها نموذجًا إقليميًا ناجحًا في بناء بيئة استثمارية متقدمة، تقوم على الشفافية، وسرعة الإجراءات، وحماية الحقوق القانونية. ورغم هذا التوجّه، فإن البيئة السياسية العراقية لا تزال منقسمة حيال هذا الانفتاح، وهو ما انعكس بشكل مباشر على موقف البرلمان من الاتفاقية التجارية مع الرياض.
موقف البرلمان من الاتفاقية التجارية
النائب عارف الحمامي، كشف أن هناك تريث في المضي بالاتفاقية التجارية مع السعودية، مشيرًا إلى أن "الاتفاقيات التجارية، سواء مع الدول العربية أو الإقليمية أو الدولية، يجب أن تمر عبر مسارات مدروسة تضمن تكافؤ الفرص والمصالح المتبادلة للطرفين". وأكد في حديثه أن "الاتفاقية المعروضة مع السعودية لا يمكن تمريرها في الوقت الراهن، بسبب وجود عدة ملاحظات فنية ومحتوى من قبل العديد من النواب، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بها وتدقيق بنودها بشكل تفصيلي".
مجلس التنسيق العراقي السعودي
تأسس مجلس للتنسيق العراقي السعودي عام 2017، كإطار استراتيجي مشترك لتعزيز العلاقات بين بغداد والرياض، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية. ويضم المجلس عددًا من اللجان الفنية والقطاعية، ويُعد إحدى الأدوات الرئيسية لتفعيل التعاون الثنائي بعد قطيعة طويلة استمرت لسنوات عقب حرب الخليج.
مستقبل الشراكات الإقليمية
ويرى المراقبون أن التعامل السياسي الحذر والمبالغ فيه مع ملف الاستثمار لا يُعزّز السيادة، بل يُقوّض فرص النمو، ويؤدي عمليًا إلى طرد الاستثمار بدل استقطابه. ويؤكدون أن مستقبل الشراكات الإقليمية، وعلى رأسها مع السعودية، لن يُحسم داخل قاعة البرلمان فقط، بل في قدرة الدولة العراقية على إثبات أنها جادّة في بناء بيئة اقتصادية مستقرة، تُرحّب بالشراكات لا تضعها في قفص الاتهام.