منتجع وونسان الساحلي في كوريا الشمالية يفتح أبوابه أمام الزوار الأجانب
يفتتح منتجع وونسان كالما الساحلي في كوريا الشمالية أبوابه أمام الزوار الأجانب للمرة الأولى، في إطار مساعي الزعيم كيم جونج أون لتنشيط السياحة في بلاده التي تعاني من شح السيولة، ولإظهار أن شعبه قادر على التمتع بمظاهر الرفاهية رغم العقوبات الدولية، بحسب “وول ستريت جورنال”.
وقالت الصحيفة الأميركية إن المنتجع يشترط أن يكون الزائرون الأجانب من الروس فقط، وأن تكلفة عشر دقائق من الاتصال بشبكة الإنترنت اللاسلكي Wi-Fi بلغت نحو 1.70 دولار، أما تكلفة الرحلة التي استغرقت أسبوعاً فبلغت 2000 دولار.
وجهة غير تقليدية
وكانت أنستاسيا سامسونوفا، وهي روسية من موسكو تبلغ من العمر 33 عاماً، تبحث عن وجهة غير تقليدية لقضاء عطلتها الصيفية. وبما أنها لم تزُر كوريا الشمالية من قبل، اختارت الانضمام إلى جولة جماعية تقضي عدة أيام في بيونج يانج قبل التوجه إلى وونسان.
ولكن مع أولى خطواتها على الرمال، فوجئت سامسونوفا، التي كانت ضمن مجموعة مؤلفة من 13 روسياً هم أول زوار أجانب يُسمح لهم بدخول المنتجع قبل بضعة أسابيع، بـ”مشهد مُربك”. وقالت: “كان الشاطئ بأكمله خالياً. في الواقع، بدا أننا الزائرون الوحيدون في المنتجع بأكمله”.
لكن سامسونوفا، وهي أخصائية في الموارد البشرية، رأت جانباً إيجابياً في الأمر، فغياب الزوار الآخرين جعل مستوى الخدمة “ممتازاً”. فعندما طلبت المجموعة الطعام، أحضرهما الطاقم بسرعة. كما تم توصيل مكبرات صوت محمولة إلى الشاطئ عند الطلب، ووُفرت كراسي الشرفة على الفور.
وقالت سامسونوفا: “شعرنا حقاً وكأننا أهم أشخاص على وجه الأرض”. وعادت إلى بلادها بقطعة تذكارية على شكل رأس نووي.
نزهة كيم على الشاطئ
كانت كوريا الشمالية تستقبل مئات الآلاف من السياح الأجانب سنوياً، معظمهم من الصين، قبل أن تغلق حدودها بالكامل في يناير 2020 مع تفشي جائحة “كوفيد-19”. وأعادت فتح أبوابها أمام السياحة في فبراير 2024، لكن حصرياً للزوار الروس.
وبحسب مسؤول روسي من مدينة فلاديفوستوك الواقعة في أقصى شرق روسيا، والتي تسير رحلات مباشرة إلى بيونج يانج، فقد زار كوريا الشمالية نحو 1500 سائح خلال العام الماضي.
وفي فبراير، سمحت كوريا الشمالية لبعض السياح الغربيين بزيارة منطقة اقتصادية خاصة قرب الحدود الصينية، لكنها أوقفت هذه الجولات بعد بضعة أسابيع دون تقديم أي تفسير. وهذا يعني أن عدداً قليلاً جداً من الجنسيات ما زال يُسمح له بدخول كوريا الشمالية. أما وزارة الخارجية الأميركية، فقد حظرت على المواطنين الأميركيين السفر إلى البلاد منذ عام 2017.
وبدأ كيم الترويج لمنتجع وونسان في خطابه بمناسبة العام الجديد عام 2018، وفقاً لما أوردته وسائل الإعلام الرسمية في بيونج يانج، التي قالت إنه استعرض آلاف المخططات الهندسية قبل أن يستقر على التصميم النهائي.
واستُلهم تصميم المجمع الساحلي الضخم، الذي يتضمن خططاً لبناء فنادق شاهقة وكازينو ومراكز تسوق، من مدينة بينيدورم الإسبانية، إحدى أشهر الوجهات السياحية في البلاد.
واعتبر الإعلام الرسمي في كوريا الشمالية افتتاح منتجع وونسان إنجازاً لسياسة “الشعب أولاً”، في خطوة تعزز رواية النظام التي تؤكد على ضخ استثمارات كبرى من أجل رفاهية السكان، بحسب إريك بالباخ، الباحث في مؤسسة كوريا التابعة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.
وقال بالباخ، وهو ألماني سبق له زيارة منطقة وونسان، إن المشاريع الإنشائية الكبرى في كوريا الشمالية “غالباً ما تحمل بُعداً أيديولوجياً”. ورجح أن تُمنح زيارات المنتجع للمواطنين الكوريين الشماليين كمكافآت على ولائهم الخاص.
زيارة لافروف
وفي حفل افتتاح منتجع وونسان أواخر يونيو، ظهر كيم وهو يدخن سيجارة مسترخياً إلى جانب زلاقة مائية، ثم تجول لاحقاً على الشاطئ برفقة ابنته الصغيرة. ويستوعب المجمع نحو 20 ألف زائر، رغم أن صور الأقمار الصناعية تُظهر أن أجزاءً كبيرة منه لا تزال غير مكتملة.
لكن ذلك لم يمنع كيم، في يوليو، من استقبال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي وصل مباشرة إلى وونسان وأقام في أفضل فنادق المنتجع. والتقى الاثنان على متن يخت كيم الفاخر الراسي قرب المنتجع، حيث تعهد الزعيم الكوري الشمالي بدعم جهود روسيا الحربية في أوكرانيا “دون شروط”.
وقال لافروف خلال زيارته إن الكوريين الشماليين أبدوا اهتماماً باستقبال مزيد من السياح الروس في المنتجع، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الروسية “تاس”. ومن المتوقع وصول دفعة ثانية من الزوار الروس الأسبوع المقبل.
لكن جذب طفرة حقيقية في السياحة الأجنبية إلى وونسان سيكون تحدياً، لأن من يسافرون إلى كوريا الشمالية لا يقصدونها عادةً للاستجمام على الشاطئ، بحسب روان بيرد، الشريك المؤسس لوكالة Young Pioneer Tours الصينية المتخصصة في تنظيم الرحلات إلى كوريا الشمالية.
وقال بيرد، وهو أسترالي زار منطقة وونسان عدة مرات قبل الجائحة: “معظم من يسافرون إلى كوريا الشمالية يرغبون في زيارة بيونج يانج والمواقع العسكرية والنُصب التذكارية والمعالم المرتبطة بالشيوعية”.
واضطر 13 سائحاً روسياً، تزامنت زيارتهم إلى وونسان مع زيارة لافروف، إلى دفع 1400 دولار لكوريا الشمالية، بالإضافة إلى نحو 35 ألف روبل، أي ما يعادل 435 دولاراً، لوكالة سياحية روسية لتنظيم الرحلة. وقد شمل المبلغ الوجبات والرحلات الجوية وغيرها من تكاليف السفر، لكنه لم يشمل الوجبات الخفيفة والمصاريف العرضية والأنشطة الترفيهية الإضافية.
وضمت المجموعة عدة أزواج، بينهم زوجان سبق لهما السفر إلى كوريا الشمالية، وفق ما قاله عدد من المشاركين. وأوضحوا أن معظم أفراد المجموعة كانوا من محبي السفر والأثرياء، ولم يكن من بينهم أي أطفال.
وأظهرت المقابلات ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم أمضوا ثلاثة أيام في بيونج يانج، وكان من المفترض أن يتوجهوا بعدها إلى وونسان جواً. لكنهم أُبلغوا فجأة بضرورة السفر بالقطار، وهو ما عزاه عدد منهم إلى اقتراب وصول لافروف.
واستغرقت الرحلة نحو 10 ساعات لقطع مسافة تقارب 120 ميلاً إلى الس