تحول ريال مدريد إلى الشباب والمواهب
تحولت سياسة ريال مدريد من الاهتمام بضم اللاعبين الخبراء أو الأحجار الكريمة إلى التعاقد مع صغار السن، لتصبح لدى المدرب الجديد تشابي ألونسو الذي وصل هذا الصيف، أصغر قائمة للريال منذ عام 1998، بمتوسط أعمار يقارب 25 عاماً.
عالم كرة القدم لا يزال مفتوناً بنجوم الماضي وينفق الملايين على رواتبهم السنوية كما في السعودية مع كريستيانو رونالدو وفي الولايات المتحدة الأميركية مع ليونيل ميسي، لكن رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز كان مشغولاً في تلك الفترة بتجديد دماء فريقه بهدوء كبير.
بيريز صاحب الرؤية الثاقبة، نجح في إنشاء أصغر تشكيلة لريال مدريد في العقدين الماضيين، والتي كان نواتها الرئيسية فينيسيوس جونيور في عام 2019.
وعن هذا التحول الكبير في شخصية ريال مدريد من الاهتمام بالنجوم الكبار إلى ضم اللاعبين الصغار، تقول صحيفة MARCA “يبدو الأمر كما لو أن بيريز اكتشف جوهرة كرة القدم، الشباب والموهبة والآفاق المستقبلية التي تُحوّل إلى ذهب أبيض. والآن، مع انضمام فرانكو ماستانتونو (17 عاماً) ودين هويسين (20 عاماً)، أصبح بيبي مدريد حقيقة واقعة تُبشر بإثارة حماس جماهير ريال مدريد”.
والأرقام لا تكذب، حيث يبلغ متوسط أعمار تشكيلة ريال مدريد لموسم 2025-2026 (25.07 عاماً)، مما يجعلها الأصغر سناً في مسيرة النادي منذ موسم 1998-1999، عندما كان عمر التشكيلة (24.88 عاماً).
ولتوضيح ذلك، تحدثت صحيفة ماركا عن الفترة التي كان فيها راؤول غونزاليس وخوسيه ماريا غوتي، وهما شابان جداً أبرز نجوم الفريق.
وتتأخر كل من تشكيلة موسم 2015-2016 (25.39 عامًا) وتشكيلة موسم 2010-2011 (25.16 عامًا) بفارق ضئيل في هذا التصنيف، لكن التشكيلة الحالية تتفوق عليهما بفارق بسيط.
من الغالاكتيكوس إلى المواهب الشابة
اتسمت سياسة فلورنتينو بيريز في الانتقالات بالتدريج والفعالية، إذ كان شعاره خلال فترة رئاسته الأولى (2000-2006) هو التعاقد مع الأحجار الكريمة، الغالاكتيكوس، أمثال فيغو، زيدان، رونالدو نازاريو، بيكهام، مايكل أوين وفان نيستلروي، ففي ولايته الثانية (منذ 2009)، تحوّل هذا النموذج إلى شيء أكثر تطوراً وتطلعاً للمستقبل.
ومهد فلورنتينو بيريز إلى العهد الجديد لريال مدريد في عام 2017، عندما صرح قائلاً “الآن، يجب التعامل مع المشروع الرياضي بشكل مختلف. لطالما كان الأمر يتعلق بأعظم لاعبي العالم، اللاعبين الإسبان، وأكاديمية الشباب. والآن، أتقنّاه، مع منح اهتماماً خاصاً للاعبين الشباب من جميع أنحاء العالم”.
وخلال فترتي رئاسة فلورنتينو (2000-2006 و2009 حتى الآن)، كانت هناك قاعدة لا مساس بها تُحدّد أسلوب عمله، تتمركز حول عدم التعاقد مع لاعبين فوق سن الثلاثين.
ولم يكسر ريال مدريد هذه القاعدة إلا في مناسبات قليلة، مثل التعاقد مع المدافع البرتغالي ريكاردو كارفاليو (2010)، واستعادة حارس الفريق السابق دييغو لوبيز (2013)، وضم المهاجم خوسيلو (2023).
وفضلاً عن تلك الحالات، توجد حالات رمزية مثل زين الدين زيدان (29 عاماً في 2001) أو ألابا (29 عاماً في 2021).
التعاقدات الجديدة تُخفض متوسط الأعمار
مع وصول الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو، البالغ من العمر 17 عامًا حاليًا من ريفر بليت، أكمل ريال مدريد تشكيلته الأصغر على الإطلاق في القرن الـ 21.
اللاعب الشاب ذو القدم اليسرى المميزة، ظهر لأول مرة مع المنتخب الأرجنتيني في تصفيات كأس العالم 2026، أصبح كذلك أصغر لاعب دولي يشارك في مباراة رسمية، وهو ما يمثل كل ما يبحث عنه ريال مدريد، من موهبة مبكرة وتألق على المستوى القاري والدولي، وتلك الشرارة التي تجذب جماهير ريال مدريد.
وتكشف أرقام متوسط الأعمار عن الالتزام الحقيقي تجاه المواهب الشابة من جانب ريال مدريد في العقود الأخيرة، حيث أصبحت أكاديمية ريال مدريد للشباب مختبراً لصقل المواهب.
وخاض مارتن أوديغارد، قائد أرسنال الحالي، مباراته الأولى في سن 16 عاماً و157 يوماً في عام 2015، قادماً من كرة القدم النرويجية.
ولعب القديس إيكر كاسياس مباراته الأولى في سن 18 عامًا و115 يومًا في عام 1999، ليبدأ أسطورة استمرت ما يقرب من 20 عاماً بين الخشبات الثلاث.
كما كانت مباراة المهاجم الكاميروني الفذ صامويل إيتو، في سن 17 عاماً و270 يوماً في عام 1998، مقدمة أخرى لمسيرة مليئة بالنجاح.
لا تزال الآلية تعمل في الوقت الحاضر. كان دانييل يانيز (17 عامًا و254 يومًا في 2024-2025) من أحدث المنضمين إلى هذه المجموعة بعد ظهوره الأول ضد جيرونا الموسم الماضي.
وظهر أيضاً المهاجم البرازيلي إندريك فيليبي (18 عامًا و35 يومًا)، ودييغو أغوادو (17 عامًا و333 يومًا) لأول مرة في الموسم الماضي، مما يثبت بطاقة الهوية الجديدة التي يتبعها ريال مدريد، ويؤكد أن الإدارة صارت تعتمد إلى حد كبير على الاستثمارات طويلة الأجل.