تأخير استيراد الغاز من تركمانستان: تحديات وعراقيل
بغداد تشهد أزمة طاقة مزمنة، وخيارات محدودة لتلبية احتياجاتها الكهربائية، خاصة في أشهر الصيف الحارة. رغم توقيع عقد استيراد الغاز بين العراق وتركمانستان منذ فترة طويلة، ما يزال المشروع متعثرًا دون تنفيذ فعلي. يفتح هذا التأخير الباب أمام تساؤلات عن جدوى الاتفاق وأسباب تعطّله، في ظل الحاجة الملحة لتقليل الاعتماد على الوقود السائل وسد العجز في الشبكة الكهربائية.
تحديات فنية وسياسية وإقليمية
يرى مختصون أن التأخير لا يرتبط بعامل وحيد، بل بمنظومة من التحديات الفنية، السياسية، والإقليمية، التي تعرقل مسار الاتفاق وتكبّد العراق خسائر متراكمة في ملف الطاقة. يقول المختص في مجال الطاقة عباس الشطري إن "تأخر تنفيذ اتفاق استيراد الغاز من تركمانستان يعود إلى جملة من التحديات الفنية واللوجستية، بالإضافة إلى عوامل سياسية واقتصادية قد تكون خارجة عن إرادة الطرفين، وهذه التأخيرات تؤثر سلبًا على استقرار منظومة الطاقة، خاصة في ظل ارتفاع الطلب المحلي خلال أشهر الصيف".
أسباب التعطيل
يعود عدم اكتمال البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز عبر إيران إلى بعض خطوط الأنابيب التي لا تزال قيد التأهيل أو التوسعة، وهو ما يتطلب وقتًا إضافيًا واستثمارات كبيرة. كما أن آلية التسعير والدفع ما تزال نقطة خلاف رئيسية، حيث لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف المعنية حول سعر الغاز وشروط الدفع، في ظل التقلبات العالمية بأسعار الطاقة.
عراقيل بيروقراطية وفنية
يواجه العراق عراقيل بيروقراطية وفنية داخل بعض المؤسسات المعنية بالتنفيذ، إضافة إلى تردد بعض الجهات الرسمية في اتخاذ قرارات حاسمة نتيجة لحسابات سياسية داخلية أو ضغوط إقليمية. كما أن العقوبات المفروضة على بعض الأطراف الإقليمية قد تعيق تنفيذ بعض جوانب المشروع، خصوصًا ما يتعلق بآليات التحويل المالي والتعاون عبر الحدود.
الحلول
يحذر الشطري من أن الاستمرار في هذا النمط من التأخير يهدد استقرار المنظومة الكهربائية ويزيد العبء على الاقتصاد الوطني. يرى أن الحل يكمن في تنويع مصادر الطاقة وتسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية، وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي لتفادي الاعتماد المفرط على مصدر وحيد أو على ظروف سياسية متقلبة.
التحدي الأكبر
في ظل أزمة كهرباء مزمنة، وخيارات محدودة، يبقى التحدي الأكبر أمام العراق ليس فقط في توقيع العقود، بل في تحصينها من التأثيرات الجانبية، وتجاوز الحلقات الإدارية المعطِّلة، وتأمين استدامة التوريد. حتى يتحقق ذلك، فإن الغاز التركماني سيبقى حبرًا على ورق، بينما تستمر الشبكة الوطنية في النزف تحت حرارة الصيف ومحدودية الإمدادات.

