تبرير ملكية الأموال في مصرفي الرافدين والرشيد
وسط تنامي التساؤلات بشأن صلاحيات وزارة المالية في إدارة الموارد النقدية داخل الجهاز المصرفي الحكومي، تبرز الحاجة إلى إعادة توصيف طبيعة الأموال المحتفظ بها في مصرفي الرافدين والرشيد. فهل تُعدّ هذه الأرصدة من الأموال العامة التي تخضع لولاية الدولة، أم أنها تدخل ضمن ملكيات الأفراد والمودعين؟ هذا السؤال يُعيد تسليط الضوء على التباس قانوني ومفاهيمي طالما رافق العلاقة بين المال العام والمصرف الرسمي، وفتح الباب أمام تفسيرات متباينة، بعضها يفتقر إلى الأساس الدستوري أو المالي، بحسب مختصين.
توضيح الخبير الاقتصادي
في ضوء هذه المعطيات، أكد الخبير الاقتصادي كريم الحلو، أن الأموال الموجودة في مصرفي الرافدين والرشيد تعود ملكيتها إلى الدولة، وليست من أموال المواطنين كما يُروّج. وقال الحلو في حديث، إن "الأموال الموجودة داخل مصرف الرافدين ومصرف الرشيد هي أموال حكومية، وليست عائدة للمواطنين كما يروج البعض"، موضحًا أن "وزارة المالية تمتلك الصلاحية الكاملة في تحريكها أو مداولتها بين المصارف والمؤسسات الحكومية المختلفة حسب الحاجة، ولا تُعد من قبيل أموال المودعين الخاصة".
عدم وجود حقائق لدعم منع سحب الأموال
وأضاف أن "ما يُثار حول وجود مواطنين عاجزين عن سحب أموالهم من هذه المصارف لا يستند إلى حقائق، إذ لم يتم تسجيل حالة موثقة واحدة تؤكد أن شخصًا راجع المصرف لسحب أمواله وتم منعه من ذلك"، مشيرًا إلى أن "هذا الطرح غير دقيق ومبالغ فيه". وتابع الحلو: "ما يحدث لا علاقة له إطلاقًا بسرقة أموال المودعين أو التعدي على حقوقهم، وإنما يتعلق بتنظيم السيولة وإدارتها من قبل وزارة المالية، وهو إجراء روتيني يقع ضمن صلاحياتها القانونية والإدارية".
حجم الأموال المتداولة خارج النظام المصرفي
وأشار إلى أن "أغلب أموال المواطنين ليست مودعة في المصارف أصلاً، بل تُحتفظ في المنازل وتُستخدم في عمليات البيع والشراء المباشرة"، لافتًا إلى أن "ما يُقدر بنحو 95 تريليون دينار عراقي متداول حاليًا بين الناس خارج الجهاز المصرفي". وأوضح الحلو في ختام حديثه، أن "إجمالي الكتلة النقدية المطبوعة من قبل الدولة تتراوح بين 125 إلى 135 تريليون دينار عراقي، ما يعكس حجم السيولة الموجودة في السوق والمنازل".
أهمية التوضيح
تلفت ملاحظات بعض الباحثين إلى أن أهمية هذا التوضيح ينبع من أن المصارف الحكومية، بوصفها أدوات تنفيذية للسياسات المالية للدولة، لا تُعامل بذات المنهج الذي تُدار به المصارف التجارية. فالأموال المودعة فيها تُخصّص في الغالب لتغطية متطلبات الإنفاق العام وتداولات الدولة الداخلية، مما يجعلها جزءًا من المنظومة السيادية لا من الرصيد الخاص بالمواطن. ورغم ذلك، فإن غياب الفهم الدقيق لهذه الوظيفة أدى إلى شيوع تصورات غير دقيقة، تربط بين حركة تلك الأموال وحقوق الأفراد المالية، وهو ما يتطلب خطابًا توعويًا واضحًا يعيد ضبط الفروق المفاهيمية بين الأموال العامة والممتلكات الفردية في السياق المصرفي العراقي.