العراق على مفترق طرق: جدلية الموعد والمجهول في الانتخابات البرلمانية
في ظل الواقع المضطرب محليًا وإقليميًا، يقف العراق على مفترق طرق جديد تعكسه جدلية الموعد والمجهول في الانتخابات البرلمانية المقبلة. تتقاطع التصريحات وتتوالد الأسئلة حول ما إذا كانت العملية الانتخابية ستتمضي كما خُطط لها، أو أن القرار النهائي سيتشكل خارج إرادة القوى الداخلية بفعل التغيرات الإقليمية والضغوط العابرة للحدود.
تأكيدات ببدء الانتخابات في الموعد المحدد
أكد النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها المحدد دون أي تأجيل. وأشار إلى أن الاستعدادات الفنية واللوجستية تسير وفق الجدول الزمني الذي وضعته مفوضية الانتخابات، وبدعم مباشر من الجهات الحكومية. وأكد أن الجهات التنفيذية ملتزمة بضمان إجراء الانتخابات في أجواء نزيهة وشفافة.
وجهات نظر متشككة
ومع ذلك، تبرز وجهات نظر متشككة حول إمكانية إجراء الانتخابات في الوقت المحدد. يرى البعض أن الشروط السياسية والأمنية واللوجستية لإجراء انتخابات عادلة لم تتحقق بعد، في ظل استمرار التحكم الفوقي بالنتائج، وهيمنة المال السياسي والسلاح المنفلت. ويضيف أن تجربة الانتخابات السابقة تركت ندوبًا عميقة في ثقة الجمهور، لم تُعالَج حتى الآن.
البعد الإقليمي وتأثيره على الوضع الأمني
أما البعد الإقليمي، فيُضيف تعقيدًا آخر إلى المشهد. مع استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وتصاعد التهديدات بين طهران وتل أبيب، تُطرح تساؤلات حقيقية بشأن ما إذا كانت المنطقة مقبلة على جولة جديدة من التصعيد، قد تنعكس مباشرة على الوضع الأمني في العراق، بما في ذلك مسار العملية الانتخابية.
مستقبل الانتخابات البرلمانية رهن معادلة معقدة
في المحصلة، يبقى مستقبل الانتخابات البرلمانية في العراق رهن معادلة معقدة يتداخل فيها المحلي بالإقليمي، والدستوري بالواقعي، والديمقراطي بالأمني. وبين من يسير وفق تقويم المفوضية، ومن يتحسس نذر الانفجار في محيط العراق وحدوده، يتضح أن التحدي لا يكمن فقط في تحديد موعد الاقتراع، بل في توفير بيئة سياسية وأمنية تؤسس لانتخابات ذات جدوى. وفي غياب هذا الشرط البنيوي، تبقى كل المواعيد معلقة على احتمالات مفتوحة، أقلها يقينًا: أن العراق ما زال بعيدًا عن لحظة التوافق الوطني الكامل.

