التوتر بين بغداد وواشنطن
يتكثف التوتر بين بغداد وواشنطن على خلفية مشروع قانون الحشد الشعبي، الذي يُناقش حاليًا داخل أروقة البرلمان العراقي، وسط تحذيرات أمريكية علنية من تمريره. ورغم أن المشروع يهدف من وجهة نظر داعميه إلى تنظيم وضع الحشد ضمن الدولة، فإن الإدارة الأمريكية ترى فيه خطوة استراتيجية مقلقة.
جغرافيا متوترة
يعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، أيوب الربيعي، أن "العراق يقع ضمن جغرافيا متوترة، ويشهد أوضاعًا استثنائية منذ أكثر من عامين، عقب أحداث طوفان الأقصى، والتصعيد في غزة، والعدوان على إيران ولبنان وسوريا"، مؤكدًا أن "كل هذه التطورات تفتح الباب أمام احتمالات غير متوقعة".
العدوان المحتمل
يؤكد الربيعي أن "أي عدوان محتمل على العراق، سواء من قبل الكيان المحتل أو غيره، لا يمكن أن يحدث دون ضوء أخضر من البيت الأبيض، في ظل الدعم غير المسبوق الذي يحظى به الكيان من قبل الإدارة الأمريكية والدول الغربية"، مشيرًا إلى أن "الحكومة العراقية تبذل جهودًا واضحة لتجنّب إدخال البلاد في أتون الصراعات، رغم بقاء احتمالية الاستهداف قائمة".
المكالمة المتشنجة
كُشف عن مكالمة متشنجة جرت مؤخرًا بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عبّر فيها الأخير عن رفض بلاده الصريح لأي خطوة تقنن وضع الحشد الشعبي كقوة مستقلة.
تحذيرات أمريكية
قال روبيو خلال الاتصال بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس ما نصه: "أكد روبيو على مخاوف الولايات المتحدة بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي ما يزال قيد المناقشة في مجلس النواب، مشدداً على أن تشريع هذ النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق".
استهداف وعقوبات
يرى الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي أن رفض بعض فصائل الحشد خيار الدمج داخل وزارتي الدفاع والداخلية، والإصرار على تمرير القانون، قد يُعدّ تحديًا مباشرًا للولايات المتحدة، وقد يفتح الباب أمام تحركات غير تقليدية تشمل استهدافات انتقائية أو عقوبات محددة.
تحركات غير تقليدية
أما السياسي العراقي محمد توفيق علاوي، فيتصريحات متلفزة، حذّر بشكل مباشر من أن تمرير قانون الحشد الشعبي قد يُعرض قيادات فصائل بارزة لعمليات اغتيال ممنهجة، بالتوازي مع فرض عقوبات دولية على العراق.
حرب إعلامية
يعتبر الخبير في الشؤون الأمنية، أحمد التميمي، أن الحديث عن "وجود قائمة بأسماء داخل العراق مرشّحة للاستهداف من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل" يدخل ضمن حرب إعلامية تهدف إلى الضغط على الحكومة والقوى السياسية، خاصة فيما يتعلق بتشريع قانون الحشد أو رفض الفصائل للاندماج في مؤسسات الدولة.
عقوبات سياسية أو اقتصادية
تتصاعد التقديرات أيضا حول إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على العراق، في حال أصرّ البرلمان على تمرير القانون بصيغته الحالية، دون مراعاة التوازنات الإقليمية والدولية.
معادلة دقيقة
تُرجّح مصادر سياسية مطلعة أن تلجأ واشنطن إلى أدوات ضغط تدريجية تبدأ من تعليق بعض برامج التعاون الأمني، مرورًا بتجميد مساعدات مالية أو تقنية، ووصولًا إلى إدراج جهات سياسية أو شخصيات رسمية على لوائح العقوبات الأمريكية، تحت بند دعم تشكيلات مسلحة خارجة عن السيطرة الرسمية.
التأجيل أو التفاوض
تقديرات سياسية تشير إلى أن العراق أمام معادلة دقيقة: تشريع قانون الحشد بصيغته الحالية قد يُعد تحديًا لواشنطن، ويفتح الباب أمام عقوبات أو استهدافات محدودة، فيما يُعد تجميده تراجعًا مكلفًا أمام قوى الإطار. ويبقى التأجيل أو التفاوض على صيغة توافقية خيارًا مرجّحًا لتفادي التصعيد وكسب وقت إضافي للمناورة.

