مقدمة
تسرد رواية «الحب في ضراوة الاحتلال» للروائي فاضل خضير، عودة المهاجر (سامر) إلى وطنه عشية الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وتتناول الخراب الذي حل بالأمكنة والبيئة والناس نتيجة ما قامت به القوات المحتلة، وذلك من خلال عين هذه الشخصية بوصفها عين كاميرا تلتقط تفاصيل ما أحدثه الاحتلال.
背景
لقد غاب سامر عن وطنه فترة سبقت الاحتلال بفترة طويلة تجاوزت ربع قرن من الزمان، وخلال هذه الفترة شهد وطنه حروباً ضاريةً تمثلت بالحرب العراقية الإيرانية وحروب التسعينات ونتائج الحصار على بلاده، وبهذا المعنى فهو يعود بذاكرة معطوبة أمدها عشرون عاماً، لم يعش فيها تفاصيل تلك الحقبة في بلده.
السرد
بهذا المعنى تكون عين سامر هي التقنية الأساسية في معظم فصول الرواية، يرى فيها الشواخص المدمرة، إضافةً إلى إحساسه الطاغي بالفقدان عبر سرد الأحداث بضمير الأنا التي تشخص الخراب، وهو خلال سرده، لما يراه، يتعمق لديه الإحساس بكونه شخصيةً طارئةً على وطنه المبتلى بالاحتلال وعلى شخوص الرواية الآخرين.
اللغة
لقد اتسمت لغة السرد على لسان شخوص الرواية الآخرين الذين عاشوا ماضي التجربة وحاضرها بالإحساس الطاغي بالفقدان والحسرة، وتميزت بقدرتها على التأثير على المتلقي، وأخذت دورها بالتغلغل تجاه أعماق الإنسان وخصوصياته، نسبة إلى لغة السرد بلسان شخصية سامر، التي اختصت بتجسيد مواطن الخراب والدمار بعين حيادية تبصر ولا تعلق.
الحوارات
وقد اتضحت هذه الإشكالية اللغوية أيضاً في حواراته الكثيرة مع حبيبته رقية، أو عبر رسالتها الوحيدة له، إذ يتضح لسامر حجم الخسارة التي أصابت رقية وهي تلخص تجربة حياتها بعباراتها البليغة، وتعلن عن لغة محملة بالإحساس والخسران، لغة مفارقة للغة السرد التي ينطق بها السارد.
اليوميات
للكشف عن حاضر السرد يوظف الروائي تقنية اليوميات التي كتبها صديقه نصير قبل أن يصبح أعمى، وهي تضيء جانباً من الحراك الثقافي عبر تجمعات المثقفين في المدن العراقية بدايةَ دخول القوات الأجنبية وطموحهم في تأسيس تجمعات ثقافية وسياسية كانوا محرومين منها قبل دخول القوات الأجنبية.
الفوضى
وقد تحولت الحرية النسبية التي توفرت أثناء دخول القوات الأجنبية إلى فوضى كبيرة حين «تعددت وسائل القتل وخرق القانون، أصبحنا في محور العشوائية، أعني بإمكان أي فرد أن يبني بيتاً أو محلاً في أي مكان فارغ (…) تربعت مفاهيم الحرية على عرش مشيد من الخوف والجوع».
النتائج
لقد حمل سامر أحلامه المؤجلة وبحث عن خلاص من شرك السلطة الجائرة التي جعلت حياته جحيماً اضطره للهروب إلى خارج الوطن تاركاً ذوات تنتظر منه الخلاص، كلها أسئلة أثيرت أمامه الآن وهو يتعرف على طبيعة الاحتلال وما رافقه من آمال ووعود في التغيير الموعود من قبل المحتلين قبل الاحتلال.
الخاتمة
إن معظم المشاهد التي سجلتها عين سامر تشي بخراب الوطن في بيئته وناسه، وتعلن عن ضياع هويته الوطنية، عبر بنية سردية تعكس ما فعله زمن الاحتلال بهذه الهوية، إذ أصبح المحتل «هو الدولة وهو القانون…»، وأصبح سامر متهماً بوطنيته بتهمة العمل مع جهاز مخابرات النظام السابق الذي هرب منه! وهي سخرية مرة أن يكون القتيل قاتلاً، وأن تصبح الهوية الوطنية متنازعاً عليها بين ماضٍ ملتبسٍ وحاضر طارد!

