ثمت دلالات تؤكد قوة الاصطفاف الوطني خلف الدولة، وصورة الديمقراطية المسئولة، التي تجعلنا جميعًا نعزز ماهية الحرية المسئولة، التي تبني الأوطان، وتدعم الأركان، وتقوض كل محاولات النيل من هذا البلد الأمين، وهنا نتحدث عن أحد المؤشرات، التي نستشعر منها التلاحم الوطني، الذي لا تشوبه شائبة؛ حيث الانتخابات البرلمانية، والمناخ الداعم للمشاركة بقوة في اختيار من يمثل الشعب؛ كي يطالب باحتياجاته، ويمكنه من إيصال صوته، عبر البوابة الرسمية للدولة المتحضرة.
المشاركة الانتخابية باتت من الأولويات، التي ينبغي أن تؤخذ في حسبان الجميع؛ فمصر في أمس الاحتياج للتضافر والتكاتف؛ من أجل استكمال مراحل النهضة والإعمار، ناهيك عن حجم التحديات، التي تحيط بنا، والتي أثرت على كافة المجالات التنموية، ليس في بلد بعينه؛ لكن في العالم بأسره؛ ومن ثم يصعب أن نبلغ الغايات التي تضمنتها استراتيجية الدولة، وفق رؤيتها الطموحة، بعيدًا عن شراكة حقيقية، سواءً أكانت باختيار من يمتلك مقومات العطاء، أم بالإقبال على صناديق الاقتراع؛ كي ندلي بأصواتنا، ونؤدي ما علينا من واجب تجاه الوطن.
اثق بأن الشعب صاحب الثورة المجيدة، والقادر على تحديد مصيره، يمكنه أن يختار بعناية من ينوب عنه في المجالس التشريعية، بل، لديه الفطنة في فرز الغث من الثمين؛ فخدمة الوطن وشعبه، تقوم على جهود مخلصة، وهجران للمصالح الشخصية، وعطاء مستدام دون مقابل، بما يضمن حالة من الانسجام المجتمعي، وتعضيد لفلسفة تكافؤ الفرص، وتعزيز للتكامل والاندماج المجتمعي؛ حيث يستشعر كل مسئول ما عليه من واجبات تجاه بلده؛ ومن ثم يتفانى في الأداء بكل حبّ وإخلاص.
اعتقد أن محاولات التشكيك، وتشويه العرس الانتخابي في الفترة القادمة، سوف تكون على قدم وساق، من خلال الكتائب الإلكترونية الممولة، التي تعمل وفق توجيهات جماعات الظلام، التي تود أن تطيح بمقدرات البلاد؛ ومن ثم يبثون الفتن للتفريق بين الأفراد والجماعات؛ كي يحدث المراد، والذي يكمن في شق الصف، وتفتيت اللحمة، وهتك النسيج الوطني؛ لكن الرهان قائم على وعي المصريين، الذين سطروا على مر التاريخ ملاحم النصر والبطولات، بتضحيات دحرت كيد الأعداء، وأكدت أن شعب مصر لا يقبل الضيم على مر الزمان.
يتوجب علينا جميعًا أن ننتبه للشائعات المغرضة، التي تقلل العزيمة تجاه المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وأن نؤكد بالممارسة، أننا عازمون على استكمال مسيرتنا نحو بناء دولتنا وجمهوريتنا الجديدة؛ ومن ثم نقول للمشككين، أن مصر وشعبها وقيادتها وكافة مؤسساتها الوطنية على قلب رجل واحد، وصوب العيون هدف رئيس لا حياد عنه، وهو رعاية مصالح الدولة العليا، والعمل على تقدمها وازدهارها؛ لتصبح في مكانتها المستحقة، بين مصاف الدول المتقدمة؛ كونها صاحبة حضارة وتاريخ وجغرافيا متفردة، وبها شعب أصيل حطم الأساطير.
الواجب الوطني جميعنا يدركه، ويتمنى القيام به، بل، يسارع من أجل أن يؤديه على الفور؛ فقد رأينا في الانتخابات المنصرمة، أن من يعانون من صعوبة الحركة، يحرصون على المشاركة، تأكيدًا على ماهية حب الوطن، ودعمًا لاستقراره، وإذعانًا بأن الوطنية ليست شعارات نتشدق بها؛ لكنها أفعال وممارسات تشاهد، تمدنا بالأمل والطموح، وتزيد في وجداننا عشق تراب هذا البلد، الذي يستحق منا أن نتكاتف جميعًا؛ من أجل صون ترابه، ورفع رايته عالية خفاقة.
العالم من حولنا تكشف على حقيقته؛ فهناك صور مختلفة للديمقراطية رأيناها، وأكدت الممارسات على أرض الواقع، على أن مصالح الدول فوق كل اعتبار، وأن حقوق الإنسان تجمد، ولا اعتبار لها، حال المساس بفكرة استقرار هذه الدول، وتحقيق ماهية الأمن القومي من منظورها الخاص، وفكرها الموحد، وهذا يدعونا أن نكون على وعي تام، بما تنادي به أبواق تدّعي الوطنية، والديمقراطية، وهي عنها ببعيد؛ فالمظهر الديمقراطي في بلادنا غير مشوب، وضمانات النزاهة نراها بأم أعيننا؛ حيث الإشراف، والتأمين، والدعم اللوجستي الواقعي منه والرقمي، وما نحن في احتياج إليه الآن، يتمثل في حراك مجتمعي، يدعم مسيرة الديمقراطية الحقيقية، في مصرنا الحبيبة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
__
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر