اكتب مقالاً عن
أصبحت الدنمارك أحدث دولة تفرض التجنيد الإجباري على مواطنيها من دون تمييز على أساس الجنس، لتكون النساء على قدم المساواة مع الرجال في الالتحاق بالخدمة العسكرية. لكن التجربة الدنماركية ليست فريدة في الاستعانة بالنساء في الجيوش بل سبقتها دول عدة. وبعدما اقتصرت مشاركة النساء تاريخياً في الجيوش على الدعم اللوجيستي والتمريض، أصبحن جزءاً فعالاً في القوات المسلحة في كثير من الدول، سواء عبر التجنيد الإجباري أو التطوع، بهدف تعزيز المساواة وضمان استفادة الجيوش من الموارد البشرية، خصوصاً في ظل التحديات الأمنية المتزايدة.
بدءاً من مطلع يوليو (تموز) الجاري، أصبح على النساء اللائي يبلغن من العمر 18 سنة الخضوع لتقييم يحدد المؤهلات للتجنيد الإجباري، تنفيذاً لقانون أقره البرلمان الدنماركي في يونيو (حزيران) 2023.
قرار المملكة الإسكندنافية أرجعه رئيس برنامج التجنيد في القوات المسلحة الدنماركية العقيد كينيث ستروم، إلى “الوضع الأمني الحالي”، وإمكانية مشاركة المجندين في “الردع الجماعي” لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك في إشارة إلى التخوفات من تهديد روسيا للدول الأوروبية. كذلك صرح وزير الدفاع الدنماركي مايكل هيلدغارد بأن تجنيد النساء إلزامياً يعكس حاجة القوات المسلحة إلى كل القوة القتالية التي يمكن حشدها.
ولا تعد النساء بعيدات من الجيش الدنماركي، فقد شكلت المتطوعات نحو 24 في المئة من أعداد المجندين العام الماضي، وتخطط كوبنهاغن لزيادة عدد المجندين سنوياً من 4700 حالياً إلى 6500 عام 2033، بحسب شبكة “يورو نيوز”، إضافة إلى زيادة فترة التجنيد من أربعة إلى 11 شهراً العام المقبل.
جيش الإسرائيليات
إسرائيل واحدة من دول قليلة تفرض التجنيد الإجباري على نسائها، فقد كانت السيدات ضمن عناصر العصابات اليهودية في فلسطين قبل إعلان دولة إسرائيل عام 1948، التي شكلت نواة لما عرف بجيش الدفاع الإسرائيلي. وبعد أشهر من إقامة الدولة أقر قانون يفرض التجنيد على جميع سكان إسرائيل، مما جعلها الدولة الوحيدة في ذلك الوقت التي تفرض التجنيد الإجباري على نسائها. وفي عام 1953 أعفى قانون الخدمة الإجبارية نساء الأقليات من التجنيد الإجباري، مما جعل الأمر مقصوراً على اليهوديات فقط عند سن 18 سنة، باستثناء المتدينات أو المتزوجات.
ظلت الإسرائيليات بعيدات من الوحدات القتالية ومحرومات من كثير من الوظائف داخل الجيش، إلى أن بدأ تأهيل المجندات لمهام قتالية، ثم قضت المحكمة العليا عام 1995 بأن منع النساء من التدريب على الطيران الحربي يعد تمييزاً، ومنذ عام 2004 صرن جزءاً من المتدربين على الأسلحة المختلفة.
إسرائيل واحدة من دول قليلة تفرض التجنيد الإجباري على نسائها (أ ف ب)
وتشكل النساء 21 في المئة من القوة القتالية للجيش الإسرائيلي، ارتفاعاً من 14 في المئة قبل حرب غزة، بحسب ما أعلنت وحدة “يوحالم” المعنية بتعزيز المساواة بين الجنسين في الجيش الإسرائيلي خلال جلسة برلمانية، كما تم استدعاء 65 ألف جندية احتياط منذ اندلاع الحرب في غزة وفق صحيفة “يسرائيل هيوم”، لتعويض النقص في عديد الجنود.
وفق بيانات الجيش الإسرائيلي فقد بلغ عدد المقاتلات عام 2020 نحو 3200 مجندة، وتركزت مهامهن على الدفاع الجوي والدبابات وحرس الحدود والمدفعية، وغيرها، لكن تلك المهام توسعت بعد اندلاع الحرب في غزة ليشاركن في عمليات ميدانية ضمن أسلحة المشاة والمدفعية والدفاع الجوي.
وعلى رغم ارتباط تاريخ تجنيد الإسرائيليات بعمر الدولة ذاتها فإن كثيراً من التحديات لا تزال تواجههن وأبرزها التحرش الجنسي، حيث تعرضت نحو ثلث المجندات لهذه الظاهرة مرة واحدة في الأقل خلال خدمتهن العسكرية ومدتها عامان وفق تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عام 2022. وفي يناير (كانون الثاني) 2024 اعتقل ضابط احتياط اغتصب مجندة كانت مكلفة الخدمة معه أثناء الحرب في غزة.
قصة نجاح
كانت النرويج أول عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تفرض التجنيد الإجباري على الرجال والنساء على حد سواء عام 2015، بعدما كانت أول دولة في الحلف تسمح بخدمة النساء في مواقع قتالية بالجيش عام 1985.
عند صدور القرار للمرة الأولى عام 2013، قالت وزيرة الدفاع آن-غريت ستروم-إريكسن، إن “جميع المواطنين يجب أن يتمتعوا بالحقوق والواجبات نفسها، بما في ذلك واجب الدفاع عن وطنهم بغض النظر عن جنسهم”. ومنذ ذلك الحين، تشهد نسبة النساء في القوات المسلحة النرويجية ارتفاعاً مطرداً، ففي عام 2020 بلغت نسبة اللاتي أكملن الخدمة العسكرية الإلزامية الأولية 33 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك لا تسعى سوى نسبة ضئيلة منهن إلى العمل في القوات المسلحة، حيث ترجع بعض الدراسات ذلك إلى ممارسات التحرش الجنسي والتنمر، وكشف تقرير للجيش النرويجي عام 2021 عن تعرض 22 في المئة من المجندات للتحرش الجنسي مرة في الأقل العام السابق، فيما تعرض 11 في المئة للتنمر.
على رغم ذلك تظل المرأة في الجيش النرويجي قصة نجاح، حيث لا يقتصر دورها على المهام غير القتالية، بل تشارك في أدوار قتالية، ولفتت النرويجيات أنظار العالم بتشكيل وحدة عمليات خاصة من السيدات تدعى “فرقة الصيادين”، تضم أكثر من 300 مقاتلة يجري اختيارهن بناء على اختبارات شاقة للغاية.
في السويد
أعادت السويد فرض التجنيد الإجباري عام 2017 ليشمل النساء والرجال. ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة الدفاع السويدية عام 2023، تشكل النساء نحو 20 في المئة من المجندين، ويتم توزيعهن على أدوار متنوعة، بما في ذلك القوات الجوية والمشاة.
وذكرت دراسة أكاديمية في الصحيفة الإسكندنافية للدراسات العسكرية عام 2022، أن النساء يواجهن تحديات في الأدوار القتالية بسبب المعايير البدنية الصارمة، لكنهن يتمتعن بفرص التدريب نفسها. وكشف تقرير لصحيفة “Dagens Nyheter” السويدية عام 2023 عن انخفاض حالات العنف الجنسي بفضل سياسات صارمة لقيادة الجيش، لكن بعض الحالات لا تزال تسجل.
أما في كوريا الشمالية، فيجب على النساء أداء الخدمة العسكرية لمدة سبعة أعوام في الأقل، بينما يطلب من الرجال الخدمة لمدة 10 أعوام، وهي أطول خدمة إلزامية في العالم، وفق هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، التي كشفت عن شهادات لمنشقات أشاروا إلى وقائع عنف جنسي واسع النطاق ضد المجندات، بما في ذلك الاعتداء من قبل الضباط، من دون وجود آليات فعالة للإبلاغ.
ويبلغ النساء نحو 20 في المئة من جيش كوريا الشمالية، بعد 10 أعوام من إقرار قانون التجنيد الإجباري.
التجنيد للأبد
تفرض إريتريا التجنيد الإجباري على النساء والرجال من دون مدة زمنية محددة للتعامل مع تهديد أمنها من جانب إثيوبيا، وفق تصريحات سابقة لمسؤولين إريتريين، بينما تبلغ مدة التجنيد الإجباري 18 شهراً.
وكانت النساء شريكات للرجال في حرب التحرر من إثيوبيا في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، إذ شكلن نحو 30 في المئة من تعداد جيش التحرر الوطني في ذلك الوقت.
ووصف تقرير للأمم المتحدة عام 2022 التجنيد الإجباري بأنه تحول إلى “عمالة بالإجبار”، وقال المقرر الأممي الخاص محمد عبدالسلام بابكر، إن “التحرش الجنسي والعقوبات القاسية والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة شائعة” خلال فترة التجنيد الإجباري. ووثقت منظمة “إمنستي” الحقوقية حالات اغتصاب وتحرش في معسكرات التدريب، مع غياب أي آليات لحماية المجندات.
وفي أميركا اللاتينية تبرز تجربة فنزويلا في دمج السيدات بقواتها المسلحة، إذ فرضت التجنيد الإجباري على النساء والرجال عند سن 18 سنة، وقد بلغت نسبة النساء بين خريجي الأكاديميات العسكرية عام 2012 نحو 26 في المئة. ويسمح للفنزويليات بالمشاركة في جميع أسلحة الجيش، وهناك الآن من يحملن لقب جنرال، ويسمح للسيدات بقيادة الطائرات المقاتلة والدبابات.
التجربة الأميركية
بخلاف الدول التي تفرض التجنيد الإجباري، تبرز تجربة مشاركة النساء في الجيش الأميركي الذي يعتمد على التطوع. وبحسب تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية، تشكل النساء نسبة أكثر من 17 في المئة من إجمال القوات المسلحة.
في عام 2015، أعلن “البنتاغون” رفع الحظر عن مشاركة النساء في جميع الأدوار القتالية، بما في ذلك الوحدات القتالية المباشرة. وأفاد تقرير لشبكة “CNN” عام 2023 بأن نحو 10 في المئة من النساء في الجيش الأميركي يخدمن في أدوار قتالية مباشرة.
لكن كغيرها من الدول، تظل مشكلة العنف الجنسي تواجه القوات المسلحة الأميركية، إذ كشف تقرير لوزارة الدفاع عام 2022 عن الإبلاغ عن أكثر من 8800 حال تحرش أو اعتداء جنسي في صفوف القوات المسلحة، على رغم وجود برامج للتصدي لهذه الممارسات.
خلال احتفال الذكرى الـ13 لإعلان استقلال كوسوفو، بريشتينا، 17 فبراير 2021 (أ ف ب)
على الصعيد العربي، لا تفرض أية دولة عربية التجنيد الإجباري على مواطناتها، في حين تخدم النساء داخل القوات المسلحة بالمجال الطبي في كثير من تلك الدول.
في عام 2015، رقيت طبيبة في الجزائر إلى رتبة لواء في الجيش. كما فتحت قطر باب التجنيد الاختياري للقطريات عام 2018.
مع اندلاع الحرب في سوريا كان لنظام بشار الأسد تجربة فريدة عام 2013 بدعوة السيدات إلى التطوع للقتال، حيث شكلت فرقة من 800 مقاتلة في كتيبة “المغاوير” للبنات في الحرس الجمهوري السوري.
وبحسب الموقع الرسمي للجيش اللبناني، فقد بدأ تطوع السيدات عام 1990 في أدوار لوجيستية. ومع تولي العماد جوزاف عون قيادة الجيش عام 2017 قرر زيادة عدد السيدات في الجيش بفتح باب التطوع، ليرتفع عدد المتطوعات إلى 4 آلاف بدلاً من 1000، وتم توزيعهن، بعد المشاركة في الدورات العسكرية المناسبة، على مختلف الوحدات والألوية حتى المقاتلة منها، وذلك للمرة الأولى ليشاركن في الشرطة العسكرية وحرس الحدود ووحدات الدعم والمساندة والطب. وتبلغ نسبة السيدات في الجيش اللبناني خمسة في المئة.
أما في مصر، أكبر جيوش المنطقة تعداداً، فلا يسمح بتجنيد الفتيات، على رغم تكرار ظهور مطالبات فردية بالمساواة بين الرجال والسيدات في التجنيد الإجباري، وآخرها حملة “المرأة وطن”، التي نظمت وقفة للمطالبة بتجنيد السيدات عام 2021. وتخدم سيدات في وظائف لوجيستية وطبية في الجيش المصري.
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”:
