تحذيرات صندوق النقد الدولي من مسار مالي خطير في العراق
حذّر صندوق النقد الدولي من مسار مالي خطير يهدد الاستقرار الاقتصادي في العراق، في ظل اعتماد مفرط على إيرادات النفط، وتوسع متسارع في النفقات الجارية، وعلى رأسها الرواتب والمعاشات، وسط ركود شبه تام في القطاعات غير النفطية، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق اقتصادي وسياسي حرج.
ركود في نمو القطاع غير النفطي
ففي تقرير مفصل أصدره، أشار صندوق النقد إلى أن معدل نمو القطاع غير النفطي في العراق تراجع بشكل حاد من 13.8% عام 2023 إلى ما يُقدّر بنحو 2.5% فقط في 2024، في دلالة على الانكماش التدريجي للنشاط الاقتصادي الحقيقي خارج النفط.
عجز مالي متوقع
وفقًا للتقرير، يُتوقع أن يبلغ العجز المالي 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، قبل أن يقفز إلى 9.2% في 2026، مدفوعًا بانخفاض الإيرادات وارتفاع النفقات، لا سيما في ملف الرواتب والمعاشات، التي تستنزف معظم موارد الموازنة، في ظل غياب أي إنتاج مقابل.
قنبلة زمنية
أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، علّق على التقرير بالقول إن "تحذيرات صندوق النقد يجب أن تؤخذ بجدية عالية، لا بوصفها ملاحظات تقنية فقط، بل باعتبارها إنذارًا واضحًا بفشل النموذج المالي العراقي الحالي". وبين السعدي أن "النموذج القائم على التوظيف لا على الإنتاج، وعلى الرواتب لا على التنمية، أصبح غير قابل للحياة".
إصلاح أو الاقتراض والانهيار
في ما يخص المقترحات الواردة في تقرير صندوق النقد، دعا الصندوق إلى إصلاح جذري في بنية الموازنة، عبر تقنين الإنفاق غير الضروري، وزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال الضرائب والرسوم الجمركية، إضافة إلى إصلاح ضريبة الدخل الشخصي، ورفع سن التقاعد، ومراجعة نظام الاستحقاق التقاعدي. السعدي شدد على أن "الصندوق لا يدعو إلى تقشف عشوائي، بل إلى مراجعة عقلانية للإنفاق".
لحظة فاصلة
ويحذّر السعدي من أن "عدم الاستجابة لهذه التحذيرات قد يؤدي إلى أزمة سيولة حقيقية، تضطر معها الدولة إلى الاقتراض داخليًا وخارجيًا ludفع الرواتب، مما يؤدي إلى تآكل الاحتياطي النقدي، ويُدخل البلاد في حلقة تضخم وانكماش في آن واحد". وختم بالقول إن العراق أمام لحظة فاصلة: "إما أن يستثمر هذه التحذيرات في مراجعة شاملة لهيكل اقتصاده، أو يواصل سياسة الهروب إلى الأمام حتى تنهار القدرة المالية للدولة، وتتحوّل الوفرة النفطية من نعمة إلى عبء ثقيل".