مقدمة في عالم البيتزا والاستخبارات
في عصر الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، قد يبدو أن تتبّع طلبات البيتزا ليس أكثر من دعابة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن حساباً مجهول الهوية على منصة "إكس" يحمل اسم "تقرير بيتزا البنتاغون" أثار اهتماماً واسعاً بعدما زعم أنه يتتبع تحركات غير عادية في محيط وزارة الدفاع الأميركية من خلال بيانات زيارات مطاعم البيتزا.
أساس الحساب وتأثيره
مؤسس الحساب، وهو مهندس برمجيات لم يفصح عن هويته، يقوم بتحليل بيانات "غوغل" المجمّعة حول زيارات المطاعم في محيط "البنتاغون" الواقع في أرلينغتون بولاية فيرجينيا الأميركية. ويعتمد على خاصية "سجل المواقع" في الهواتف المحمولة، مما يتيح له معرفة أوقات الذروة في طلب البيتزا. جذب الحساب أكثر من 200 ألف متابع، بينهم أفراد من الجيش الأميركي وخبراء في الاستخبارات المفتوحة وأكاديميون وصحافيون.
ربط البيتزا بالأحداث العسكرية
وعلى رغم الطابع الساخر للحساب، فإنه لفت الانتباه بعد ربطه بين نشاط مطاعم البيتزا حول "البنتاغون" وأحداث عسكرية كبيرة. ففي الـ12 من يونيو الماضي، أشار الحساب إلى ارتفاع ملحوظ في نشاط هذه المطاعم عند السابعة مساء، لتقع بعد ساعة واحدة فقط ضربة إسرائيلية على برنامج إيران النووي. وبعد تسعة أيام، لاحظ الحساب أن فرع "بابا جونز" لبيع البيتزا القريب من "البنتاغون" يشهد "نشاطاً عالياً"، في حين كان "فريديز بيتش بار"، وهو مطعم وبار يرتاده عادة موظفو وزارة الدفاع، خالياً تماماً. وفي أقل من ساعة، أعلن الرئيس ترمب عن ضربات جوية أميركية استهدفت منشآت نووية إيرانية.
ردود الأفعال والمشاكسة
ويقول مؤسس الحساب في حديثه إلى صحيفة "واشنطن بوست" عبر منصة "بلوسكاي" Bluesky: "الأمر سخيف، ومضحك، ولكن لا يمكنك إنكار شعورك بوجود شيء ما". ويضيف: "أعتقد بأن من أسباب الانتشار السريع هو تداول تقاريري من قبل مجتمع OSINT [مجتمع من محللي المعلومات الاستخباراتية المستندة إلى مصادر علنية مثل الصور الجوية والبيانات الرقمية]، مما أراه أمراً رائعاً. وهناك أيضاً عدد كبير من متداولي العملات المشفرة أبدوا اهتماماً مفاجئاً بما أكتبه". ومع ذلك، يشكك بعض المسؤولين السابقين في البنتاغون في صحة هذه النظرية، مشيرين إلى تطور الخدمات الغذائية وتوسع الخيارات المتاحة أمام الموظفين.
تاريخ النظرية
"واشنطن بوست" ذكرت أن نظرية "مؤشر البيتزا" ليست وليدة اليوم، بل تعود للحرب الباردة، حين ترددت إشاعات أن الجواسيس السوفيات كانوا يراقبون طلبات الوجبات السريعة لتوقع تحركات الحكومة الأميركية. لكن المتخصص في التاريخ بجامعة ديوك البروفسور سايمون مايلز يشكك في ذلك، ويقول إن وثائق جهاز "شتازي" الألماني الشرقي الذي كان ينسق مع السوفيات، لا تتضمن أية إشارة إلى مراقبة الطعام الجاهز.
استنتاج
الغريب أن أياً من موظفي "البنتاغون" الذين تواصلت معهم "واشنطن بوست" لم يعترف بأنه طلب بيتزا من مكتبه، حتى إن أحدهم علّق أن خدمة الهاتف داخل المبنى سيئة جداً. وسأل آخر: "هل يمكن حتى تسليم بيتزا إلى أحد أكثر الأبنية أمناً في العالم؟". الصحيفة الأميركية ذكرت أن وزارة الدفاع لم ترد على استفساراتها، لكن وكالة الحماية التابعة لها أوضحت أن جميع الزوار يخضعون لفحص أمني مشدد، وكل ما يُسلّم إلى المبنى يجب أن يمر عبر منشأة تسليم منفصلة، حيث تُصادر الأطعمة القابلة للتلف.

