تصعيد أمني غير تقليدي في العراق
خلفية الأحداث
في ضوء التطورات الأمنية المتسارعة في العراق، تشهد البلاد تصعيداً غير تقليدي في الهجمات الجوية والصاروخية، تستهدف مواقع استراتيجية في أنحاء متعددة من البلاد. هذه الهجمات، التي تتم بطائرات مسيرة وصواريخ متوسطة المدى، تعكس انكشافاً في السيادة الجوية للعراق، حيث يبدو أن الفاعلين الأمنيين يยงون في استهداف مواقع حيوية دون مواجهة ردع جدي من قبل السلطات العراقية.
تحليل الخبير علي ناصر
يعتبر الخبير في الشؤون الاستراتيجية علي ناصر أن هذه التطورات تمثل نمطاً متكرراً من الهجمات، لكنها تتسم هذه المرة بجرأة غير مسبوقة. يلاحظ ناصر أن هذه الهجمات لم تعد غامضة التوقيت أو المكان، بل أصبحت مدروسة وممنهجة، وتستهدف قلب البنية السيادية للدولة. يشير ناصر إلى أن المسافة المحدودة التي قطعتها بعض الصواريخ، إلى جانب نوعية الطائرات المستخدمة، تُعد مؤشرات تقنية يمكن تتبعها لو توفرت الإرادة السياسية والأمنية.
معضلة سياسية
لكن ناصر يرى أن المعضلة الأساسية ليست تقنية، بل سياسية. يعتقد أن التقاطع بين الجهات الأمنية، وتجميد القرار السيادي بفعل التوافقات، جعل من سماء العراق "مساحة رخوة" يمكن لأي طرف اختراقها، ثم الإفلات من المحاسبة. يذهب ناصر إلى أن الهدف الأعمق هو تأجيج التوتر داخل الجغرافيا العراقية نفسها، من خلال ضرب قوات كردية في الشمال، تزامناً مع استهداف مواقع اتحادية، مما يوحي بوجود مشروع يطمح إلى تفكيك الجبهة الأمنية العراقية من الداخل.
دعوة إلى إعادة فتح ملف الاتفاق مع الولايات المتحدة
دعا ناصر إلى إعادة فتح ملف اتفاق الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ليس لمراجعته فنيًا فقط، بل لتقييم فعاليته كمظلة أمنية استخبارية. يعتقد أن هذه المظلة لا تبدو أنها منعت تغلغل المسيّرات في أجواء العراق. كما شدد على ضرورة إعادة تموضع القرار الأمني من جديد، عبر غربلة أسماء القادة الأمنيين في المناطق المستهدفة، وتحميلهم المسؤولية المباشرة عن أي تقصير في حماية المجال الجغرافي المكلفين به.
رد فعل البرلمان
في ظل هذه الهشاشة، أعلن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علاوي البنداوي أن اللجنة ستعقد اجتماعًا مطلع الأسبوع المقبل لمناقشة هذه التطورات، واستضافة القيادات العسكرية المعنية. يشير البنداوي إلى أن التصعيد الأخير في السليمانية "يستدعي وقفة جادة"، في ظل غياب تام لأي رواية رسمية تحدد طبيعة الطائرات، أو مسارها، أو من أطلقها.
مستقبل العراق
ما لم يُعد تشكيل بنية الردع الجوي العراقي، بمنظومة سيادية كاملة غير خاضعة للمجاملات السياسية، سيبقى العراق عرضةً لطائرات لا نعرف من أطلقها، ولا إلى من تنتمي، لكنها تعرف جيدًا أين تضرب… ومتى. يبدو أن مستقبل العراق يعتمد على قدرته على بناء قوة ردع جوي قادرة على حماية سماءه وحماية شعبه من هذه الهجمات الأمنية المتكررة.

