قالها الإمام علي من قرون: “روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة”، وكأنه يرى بعين القلب ما لا تراه العيون اليوم، فقلوبنا اليوم لا تعاني من قسوة فقط، بل من الإنهاك، تنهكها الأخبار، وتعصرها الضوضاء، وتثقلها العلاقات المزدحمة بالمجاملات الفارغة، ولهذا، لا بد أن نأخذ القلب في نزهة، ولو خمس دقائق.
نحتاج إلى جلسة هادئة مع من نحب، ليس بالضرورة أن نقول شيئًا، يكفي أن نكون، أن نهدأ، أن نبتسم من غير سبب، لقاء قديم، تتجدد فيه التفاصيل، وتمتلئ فيه الروح بصحبة معتّقة بالمحبة، أو حتى لحظة عزلة نسرقها من الزحام، نضع فيها الهاتف بعيدًا، ونضع قلوبنا حيث تستحق: في حضن الهدوء.
أحيانًا، كوب شاي في صمت، يصنع أكثر مما يصنعه حديث طويل، وأحيانًا، سماع تلاوة خاشعة للقرآن تمسح عن القلب غبار الأيام، وربما فيديو مبهج عابر، ضحكة من طفل، أو مشهد من مسلسل قديم، تكفي لتُعيد ترتيب مزاج يوم كامل.
ليس عيبًا أن نهرب من المشاكل، بل العيب أن نحملها معنا أينما ذهبنا، ليس ضعفًا أن نبحث عن السعادة في أبسط الأشياء، بل ذكاء أن نعرف مفاتيح أرواحنا، فالقلب يحتاج إلى راحة، كما تحتاج الأرجل إلى كرسي بعد مشي طويل.
في زحام الحياة، لا تنسَ أن تعتني بقلبك، أن تهديه ساعة صفاء، أن تُريحه من صخب الناس، أن تزرع فيه لحظة رضا، نحن لا نعيش لننجز فقط، بل لنستمتع، لنتنفس، لنحيا.
ابحث عن ما يريح قلبك، تمسّك به، ولو كان بسيطًا، فالحياة لا تُقاس بعدد أيامها، بل بعدد اللحظات التي تنفست فيها بسلام.
محمود عبد الراضي،مقالات محمود عبد الراضي، وصفة للسلام النفسي