اكتب مقالاً عن
يعد اضطراب المناعة الذاتية من المشكلات مجهولة السبب حتى الآن، إلا أن النظريات العلمية ترجح دور العوامل الوراثية والبيئية والهرمونية في تحفيزه، إذ تختلف الأَعراض اعتماداً على نوع الاضطراب وبحسب العضو المتأثر بالإصابة، ويعتمد التشخيص بشكل أساسي على اختبارات الدم، ولوحظ ارتباط داء السكري من النوع الأول مع أمراض المناعة الذاتية التي تصيب الغدة الدرقية، وخاصة الالتهاب من نمط «هاشيموتو» وهو من أنواع قصور الغدة الدرقية، والذي يُصاب به معظم الأشخاص المصابين بداء السكري من النمط الأول في إحدى مراحل حياتهم، وكذلك داء «غريفز» الذي يرتبط بزيادة في هرمونات الغدة الدرقية، ويصاب به نحو 10% من مرضى داء السكري من النمط الأول، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن المرضين تفصيلاً.
د. محمد صالح أحمد استشاري أمراض الغدد الصماء، يوضح أن داء السكري من النوع الأول حالة مرضية مزمنة تُصنف ضمن أمراض المناعة الذاتية، يتسبب في تدمير جهاز المناعة لخلايا بيتا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، ففي الحالة الطبيعية، يحمي الجهاز المناعي الجسم من الأجسام الغريبة مثل: البكتيريا والفيروسات، ولكن يحدث خلل عند الإصابة، حيث يتعرف الجهاز المناعي إلى خلايا بيتا كعدو ويهاجمها.
ويضيف: تبدأ عملية التدمير المناعي في مرحلة مبكرة من الحياة، وربما تستمر لسنوات قبل ظهور الأعراض السريرية، وهذه العملية التدريجية تؤدي في النهاية إلى نقص حاد أو انعدام كامل في إنتاج الأنسولين، الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات السكر في الدم.
وتشير الدراسات إلى أن 27% من مرضى السكري من النوع الأول يعانون مرضاً مناعياً ذاتياً آخر على الأقل، وأكثر هذه الأمراض شيوعاً هي أمراض الغدة الدرقية (24% من المرضى) تليها الأمراض المعوية (6%)، وتزداد هذه النسبة مع التقدم في العمر، حيث تصل إلى 50% لدى المرضى فوق 65 عاماً.
ويذكر د. محمد صالح أحمد أن داء السكري من النوع الأول يحدث نتيجة العوامل الوراثية، أو البيئية مثل: العدوى الفيروسية (كوكساكي أو إبشتاين بار)، النظام الغذائي في الصغر، ونقص فيتامين (د)، ويظهر عادة في مرحلتين عمريتين، بين 4 و7 سنوات، أو بين 10 و14 سنة، وتشمل الأعراض العطش الشديد وكثرة التبول الناجمة عن محاولة الجسم في التخلص من الجلوكوز الزائد عبر البول، الجوع الشديد رغم تناول الطعام، فقدان الوزن غير المبرر نتيجة تكسير الجسم للدهون والعضلات للحصول على الطاقة، التعب والإرهاق المزمن، وتشوش الرؤية بسبب تجمع السوائل في عدسة العين، والتبول اللاإرادي لدى الأطفال الذين كانوا قد توقفوا عن ذلك، بطء التئام الجروح، الأعراض الطارئة (الحماض الكيتوني السكري).
ويوضح أن تشخيص داء السكري من النوع الأول يتم عبر عدة فحوص، هي اختبار الهيموغلوبين السكري، واختبار سكر الدم مستوى 200 ملغم/دل أو أكثر مع وجود أعراض تشير إلى الإصابة، واختبار سكر الدم الصائم بمستوى 126 ملغم/دل أو أكثر في اختبارين منفصلين، واختبار الأجسام المضادة لتأكيد الطبيعة المناعية الذاتية للمرض.
ويضيف: تتنوع مضاعفات السكري من النوع الأول بين الحادة التي تتمثل في الحماض الكيتوني السكري وهي حالة طارئة تهدد الحياة نتيجة تراكم الأحماض الكيتونية في الدم، أما المزمنة فهي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الجلطات والنوبات، والسكتات الدماغية، اعتلال الكلى الذي يصيب 20-30% من المرضى بعد 15 إلى 25 سنة من الإصابة، اعتلال الشبكية الذي يحدث لحوالي 80% من البالغين المصابين لأكثر من 15 سنة، اعتلال الأعصاب، مشاكل الجلد وارتفاع قابلية الإصابة بالعدوى البكتيرية والفطرية، كما تزيد الإصابة لدى الحوامل من خطر الولادة المبكرة والعيوب الخلقية لدى الأجنة.
يشير د. محمد صالح أحمد إلى أن جميع مرضى السكري من النوع الأول يتم علاجهم بالأنسولين مدى الحياة، وتتمثل التقنيات الحديثة في مضخات الأنسولين وهي أجهزة صغيرة توصل الأنسولين بشكل مستمر عبر قسطرة تحت الجلد، ويمكن برمجتها بحسب احتياجات المريض، وهناك أيضاً أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز التي تقيس مستوى السكر بشكل مستمر وتنقل البيانات لاسلكياً إلى الهاتف أو جهاز الاستقبال، أما النظام المغلق فيجمع بين مضخة الأنسولين ونظام ضبط جرعات الأنسولين تلقائياً.
ويتابع: تعد إدارة نمط الحياة أهم طرق ضبط السكري من النوع الأول وذلك عن طريق مراقبة مستويات السكر 4 مرات يومياً على الأقل، حساب الكربوهيدرات والدهون، والبروتينات في الوجبات، ممارسة الرياضة بانتظام والنوم الجيد، والحفاظ على وزن صحي، والابتعاد عن العادات الغذائية الخاطئة والتوتر، والتدخين الذي يزيد خطر المضاعفات بنسبة 30-40%.
توازن الجسم
يذكر د. أحمد الخطيب، استشاري طب الأسرة، أن التهاب الغدة الدرقية هو اضطراب مناعي يؤثر في توازن الجسم، إذ إن الغدة الدرقية الصغيرة الواقعة في مقدمة الرقبة، تلعب دوراً جوهرياً في تنظيم عمليات الأيض، حرارة الجسم، ضربات القلب، ووظائف الدماغ، ويشمل الالتهاب أنواع متعددة تختلف في السبب والتطور، ومن بينها: داء «هاشيموتو» الأكثر شيوعاً، وهو يحدث نتيجة اضطراب مناعي ذاتي مزمن، يؤدي تدريجياً إلى قصور دائم في وظائف الغدة، أما التهاب الغدة الدرقية تحت الحاد، فغالباً ما يلي العدوى الفيروسية، ويصاحبه ألم في الرقبة وحمى في بعض الأحيان، ويظهر التهاب ما بعد الولادة خلال السنة الأولى ويستهدف النساء المصابات بأمراض مناعية، وهناك أيضاً التهاب الغدة الناتج عن الأدوية مثل: الأميودارون، الإنترفيرون، أو الليثيوم، والالتهاب الصامت أو المزمن غير مؤلم، ويكون في معظم الحالات مناعي المنشأ، ويُكتشف صدفة في الفحوصات الروتينية.
ويوضح د. أحمد الخطيب أن الفئات المعرضة لخطر الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية تتمثل في النساء بين 30 و50 عاماً أو بعد الولادة، أو من لديهم تاريخ عائلي بأمراض الغدة أو أمراض مناعية، واللواتي يعانين داء السكري من النوع الأول أو الذئبة أو الداء الزلاقي، أو من يتناولن أدوية تؤثر في المناعة أو الهرمونات، أما الأعراض فتتغير بحسب مرحلة ونوع الإصابة، إذ يتسبب فرط نشاط الغدة في الخفقان، العصبية، فقدان الوزن، عدم تحمل الحرارة، الرجفان، واضطراب النوم. ويؤدي قصور الغدة إلى التعب، الاكتئاب، زيادة وزن، إمساك، جفاف الجلد، تساقط الشعر، غزارة الدورة الشهرية. كما يُلاحظ في بعض الأنواع تورم أو ألم في مقدمة الرقبة في مكان الغدة.
ويشير إلى أن تشخيص التهاب الدرقية يعتمد على الفحص السريري ومجموعة من الاختبارات، مثل: التحاليل الهرمونية، الأجسام المضادة، والموجات فوق الصوتية لمنطقة العنق لتقييم الحجم، التركيب، وتدفق الدم، المسح النووي في بعض الحالات، وأخذ عينة بالإبرة إذا وُجدت عقيدات مشبوهة.
ويضيف: تتمثل المضاعفات الناجمة عن الإصابة بالتهاب «الدرقية» في قصور دائم في وظائف الغدة، تضخم الغدة (السلعة الدرقية)، اضطرابات قلبية (رجفان أذيني، بطء نبض)، اضطراب في الخصوبة أو تأخر الحمل، تأثر النمو العقلي للأطفال في حال وجود قصور غير معالج لدى الأمهات الحوامل.
ويؤكد د. أحمد الخطيب أن طرق التداوي من التهاب الدرقية يكون بحسب نوع الإصابة، إذ يحتاج مرضى «هاشيموتو» وقصور الدرقية لعلاج تعويضي يتم تحديده بحسب الوزن والفحوص، أما التهاب تحت الحاد، فيكون باستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الكورتيزون، ويُعالج الفرط المؤقت عرضياً بحاصرات البيتا، وتعتبر المتابعة من أهم الطرق للحد من تطور المشكلة، وذلك بالفحص الدوري للغدة خاصة لمن لديهم عوامل خطر، والانتباه لأي تغير غير مبرر في الطاقة أو الوزن أو المزاج، بجانب التزام المرضى بالعلاج، خاصة في القصور المزمن، دعم الحالة النفسية وتقديم التوعية للمريض.
نمط الحياة الصحي
يلعب اتباع نمط الحياة الصحي دوراً مهماً وفعالاً في إدارة أمراض المناعة الذاتية، مثل داء السكري، والغدة الدرقية، ولذلك يُنصح بالالتزام بالغذاء الصحي المتوازن، عن طريق الحد من استهلاك الأطعمة والمشروبات الغنية بالسكر، كونها تتسبب في ضعف جهاز المناعة، واستبدالها بالمكسرات، والبذور، والأفوكادو، لأنها غنية بالدهون الصحية التي تعزز الجهاز المناعي، وكذلك الألياف من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، التي تسهم في تنظيم مستويات السكر في الدم وتزيد من الشعور بالشبع، والبروتينات من اللحوم، والدجاج، والأسماك، والبيض، والفول، والبقوليات. بجانب الخضراوات الورقية مثل السبانخ، والبروكلي، التي تمنح الجسم الفيتامينات ومضادات الأكسدة.
كما يسهم شرب كميات كافية من الماء على مدار اليوم في الحفاظ على ترطيب الجسم والحد من أعراض أمراض المناعة الذاتية, وتحفز ممارسة الرياضة بانتظام نمط الحياة الصحي، والتحكم في مستويات السكر في الدم، وزيادة حساسية الأنسولين، وتقوية الجهاز المناعي. وتساعد تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل والتنفس العميق في إدارة الإجهاد.
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”: