الغياب المفاجئ للفصائل العراقية المسلحة عن مشهد المواجهة مع إيران
خلفية الأزمة
في خضم تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، ومع اتساع دائرة الاستهداف المتبادل الذي وصل إلى العمق الإيراني والخليجي، كان لافتًا الغياب التام للفصائل العراقية المسلحة عن مشهد الردّ، في وقت لطالما كانت تُصنّف كأذرع جاهزة للتحرك في أي اشتباك إقليمي.
تفسيرات الغياب
هذا الغياب، الذي لم يعتد عليه المراقبون في الأزمات الكبرى، أثار تساؤلات عميقة: هل يعود إلى عدم إصدار الضوء الأخضر من طهران؟ أم أن الحكومة العراقية نجحت فعلًا في فرض هيبتها وموقفها على حركة الفصائل ومنعتها من الانخراط في الحرب؟
الرأي الخبير
يرى الباحث في الشأن السياسي سيف الهاشمي، أن الأمر لا يخلو من تنسيق متبادل بين بغداد وطهران، مشيرًا إلى أن "إيران لم تعطِ الضوء الأخضر للفصائل العراقية للمشاركة في المواجهة، رغم استهداف منشآتها النووية"، معتبرًا أن "القرار الإيراني يعكس رغبة واضحة بعدم توسيع رقعة الحرب، وإبقائها في إطار الردّ المحدود والمُسيطر عليه".
دور الحكومة العراقية
ويتابع الهاشمي أن "الحكومة العراقية، بقيادة محمد شياع السوداني، لعبت هي الأخرى دورًا مهمًا في هذا المسار، إذ حرص رئيس الوزراء على فتح قنوات اتصال مع قادة الفصائل المسلحة، وأبلغهم بشكل مباشر بضرورة عدم الانخراط في المعركة الجارية، حفاظًا على استقرار العراق، وتفاديًا لأي رد فعل أمريكي أو إسرائيلي قد يتخذ من دخول الفصائل ذريعة للردّ العنيف".
الخوف من ذريعة التصعيد
وبحسب الهاشمي، فإن "الولايات المتحدة وإسرائيل تتحيّنان الفرصة لتوجيه ضربة قاصمة للفصائل العراقية، وتنتظران أي تدخل منها لتبرير خطوة كهذه، خاصة أن هذه الفصائل تُعد من أقرب الكيانات العسكرية العراقية إلى إيران، وتربطها بها علاقات تنسيق وتمويل وخطاب سياسي مشترك".
التهدئة القادمة
يرجّح الهاشمي أن "الأيام المقبلة ستشهد مسارًا متدرجًا نحو التهدئة، سواء عبر وساطات إقليمية أو تفاهمات خلف الكواليس"، مؤكدًا أن "جميع الأطراف، بما فيها إيران والفصائل والحكومة العراقية، باتت تدرك أن كلفة استمرار الحرب ستكون باهظة وغير محمولة، ومن هنا يُتوقع أن يُغلَّب خيار التهدئة على الانزلاق إلى حرب مفتوحة".