فى الأول من يونيو 2025 استيقظ العالم على صدمة روسية طالت كبرياءها العسكرى، عندما انطلقت «درونز» من فوق أراضيها، استهدفت ضرب طائرات الطيران بعيد المدى فى خمس قواعد جوية هى: بيلايا، دياجيلييفو، إيفانوفو سيفيرنى، أولينيا، وأوكرائينكا، ونُفذت العملية بدقة وقدرة عالية، وكبدت الجانب الروسى خسائر فادحة، تمثلت فى إصابة 40 طائرة، منها 13 طائرة دُمرت، ووفقا لمصادر عسكرية بارزة، سواء غربية أو أمريكية، أكدت أن الطائرات التالفة والمدمرة تشكل ما يقرب من 20 % من أسطول الطيران الاستراتيجى الروسى طويل المدى.
تميزت العملية، بجانب دقتها، باتساع نطاقها الجغرافى غير المسبوق، فقد استهدفت قواعد تقع فى 5 مقاطعات روسية متناثرة جغرافيا، بما فى ذلك قاعدة بيلايا الواقعة فى سيبيريا الشرقية، على بعد ما يقرب من 4 آلاف و400 كيلومتر من الأراضى الأوكرانية.
وخرجت أوكرانيا على لسان بعض مسؤوليها لتعلن عن مسؤوليتها عن العملية، التى أطلق عليها «العنكبوتية» مؤكدة أن العملية «معقدة للغاية» استغرق الإعداد والتحضير والتجهيز لها عاما ونصف العام، وأشرف عليها شخصيا الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى، وأن نقل المسيرات إلى الداخل الروسى كان عن طريق حاويات إطلاق خشبية، ثم حُملت الحاويات على شاحنات، ثم فُتحت أسقف هذه الحاويات عن بعد ووُجهت الطائرات المسيرة إلى أهدافها، وأن هناك عملاء تابعين للمخابرات الأوكرانية، أعدوا هذه العملية من فوق الأراضى الروسية، وجرى إجلاؤهم بالفعل قبل بدء الهجمات مباشرة!
وسارعت حينها الولايات المتحدة الأمريكية، لتؤكد أنها لا تشارك فى الحرب الروسية الأوكرانية، وبحسب مصادر أمريكية وأوكرانية، فإن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لم تكن على علم مسبق بالهجمات على القواعد الجوية الروسية.
وبعد أقل من 13 يوما، وتحديدا فجر الجمعة 13 يونيو الجارى، نفذت إسرائيل ضربة جوية هى الأكبر فى تاريخها على إيران، استهدفت منشآت نووية، ومصانع صواريخ باليستية، واغتيال قادة عسكريين، وعلماء نوويين، وقد أُطلق على العملية الاسم الرمزى «عَم كِلافى»، لكن اللافت ما أعلنته إسرائيل من أن الموساد أنشأ قاعدة طائرات مسيرة متفجرة زُرعت فى قلب إيران، منذ فترة طويلة، وسابقة لموعد الضربة الجوية، وخلال الهجوم انطلقت الطائرات المسيرة المتفجرة من القاعدة مستهدفة منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض فى قاعدة أسفج آباد قرب طهران، وعلى عدد من المنشآت العسكرية.
ونفس ما حدث فى روسيا، كشفت مصادر لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن إسرائيل أمضت عدة أشهر فى تهريب أجزاء لمئات الطائرات من دون طيار، من طراز رباعى المراوح، المجهزة بالمتفجرات لشن ضرباتها الأخيرة على إيران، وأن الأجزاء المهربة داخل الحدود الإيرانية وصلت للبلاد عن طريق حقائب وشاحنات و«حاويات شحن» بالإضافة إلى تهريب ذخائر يمكن إطلاقها من طائرات دون طيار.
ونصبت فرق صغيرة، المعدات بالقرب من مواقع الدفاع الجوى الإيرانية ومواقع إطلاق الصواريخ لتدميرها، مما حد من قدرة إيران على الرد على الهجمات الإسرائيلية أثناء انطلاقتها الأولى.
وهنا أيضا خرجت تصريحات من البيت الأبيض، تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا تشارك فى الضربة التى وجهتها إسرائيل لإيران!
صحيفة «وول ستريت جورنال» فى تقرير خاص أشارت بوضوح إلى أن التقنيات المستخدمة فى العملية الإسرائيلية تتشابه إلى حد كبير مع تلك التى استخدمتها أوكرانيا لمهاجمة عشرات الطائرات الحربية فى روسيا منذ بضعة أسابيع!
وتعكس العمليتان الإسرائيلية والأوكرانية قدرات عسكرية تقنية جديدة تعتمد على الطائرات من دون طيار منخفضة التكلفة، لتجاوز أنظمة الدفاع الجوى المتطورة، وتدمير أهداف قيّمة بطرق يصعب إيقافها.
بقليل من القراءة والتحليل وربط الوقائع بعضها ببعض، يتبين أن عملية العنكبوت، بانطلاق الدرونز من الأراضى الروسية لضرب أهداف عسكرية روسية، تتشابه إلى حد التطابق مع نفس العملية التى انطلقت من إيران واستهدفت المنشآت العسكرية فى الطريقة و«التكتيك» والترتيب والفترة الزمنية التى استغرقتها كل عملية فى التحضير!
أيضا التشابه فى التصريح، الذى خرج من البيت الأبيض، عقب كل عملية، والذى يتضمن عدم تدخل أمريكا فى المعركة، وكأن «على رأسهم بطحة» وعلى غرار القول المأثور الشهير: «كاد المريب أن يقول خذونى»!
مراكز بحثية ووسائل إعلام شهيرة، ذهبت إلى تفسير هذا التطابق فى تنفيذ العمليتين، فى روسيا وإيران، إلى أنه من المرجح أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أسهمت فى التخطيط لهما، للضغط على النظامين، فى موسكو وطهران، وقبولهما بإذعان، الخطط الأمريكية، سواء بإيقاف الحرب فى أوكرانيا، أو تخلى إيران عن حلمها النووى!
