الاختلافات في الفكر الديني في كردستان
التأثيرات التاريخية للفكر الصوفي
عُرف الكرد بطبيعتهم الصوفية، حيث خرجت أغلب الحركات الصوفية من كردستان لتحقق الانتشار في العالم الإسلامي. من بين هذه الحركات، الطريقة الكسنزانية والنقشبندية وغيرها من الطرق. وكان من أبرز علماء الصوفية الكرد مثل الشيخ عبد الكريم بياره، الذي بقي طول حياته يخدم في مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، والشيخ عبد الكريم المدرس وغيرهم.
التغيرات في العقيدة الدينية في كردستان
ظل أهالي إقليم كردستان يعتزون بانتمائهم الصوفي، وكانت مساجدهم طوال العقود الماضية تحفل بالتسبيح والتهليل وإقامة الصلوات والأذكار النبوية. ومع ذلك، منذ سنوات العقد الأخير من القرن الماضي وصولاً إلى يومنا الحالي، بدأ التيار السلفي بالانتشار بصورة كبيرة في مدن إقليم كردستان.
الحرب ضد التنظيمات المتطرفة
خاضت السليمانية حرباً شرسة ضد التنظيمات المتطرفة في تسعينات القرن الماضي، والتي اتخذت من منطقة هورامان في حلبجة على الحدود الإيرانية مقراً لانتشارها. كانت أبرز تلك الحركات هي تنظيم أنصار الإسلام بقيادة الملا كريكار.
انتشار التيار السلفي في كردستان
لوحظ في الفترة الأخيرة انتشار التيار السلفي والمساجد الخاصة والمدارس التعليمية بين الشباب بصورة ملفتة للنظر في السليمانية وعموم مدن إقليم كردستان، رغم أن سلطات الإقليم من الحزبين الحاكمين هي سلطة علمانية.
الأسباب وراء انتشار التيار السلفي
يقول الأكاديمي والباحث المختص في شؤون الحركات الدينية سالار تاوكوزي إن "الأسباب تكمن في دعم السلطة الكردية للتيار السلفي، لأن هذا التيار اتفق معها على دعمها الكامل مقابل السماح له بالتحرك بصورة طبيعية". يضيف تاوكوزي أن "التيار السلفي يقف ضد الأحزاب الإسلامية الأخرى المشاركة بالعملية السياسية ويحرض ضدها ويدعو الناس لعدم المشاركة في الانتخابات، وهذا كله يصب بمصلحة أحزاب السلطة، لذلك يسمحون لهم بالتحرك وحرية التنقل وبناء المساجد وإقامة الدورات التعليمية".
التأثيرات الخارجية
يؤكد سالار تاوكوزي أن "هناك دولاً تدعم التيار السلفي بالمال لبناء المساجد وإقامة الدورات وفتح القنوات والمؤسسات الإعلامية، بهدف تعريب الثقافة الكردية باسم الدين، فضلاً عن وجود خيبة أمل بين المواطنين الكرد، وعندما يشعر المواطن وخاصة الشاب الذي لا تتوفر له سبل الحياة فأنه يتجه صوب التشدد الديني الذي تمثله تلك الحركات السلفية".
رؤية السلفية لذاتها
يرى لقمان محمد أحد وعاظ السلفية وإمام مسجد في السليمانية أن التيار السلفي يختلف عن الحركات المتطرفة كتنظيمي القاعدة وداعش، ويجب التفريق وعدم الخلط، فليس كل سلفي هو إرهابي، كما تصوره وسائل الإعلام. يؤكد محمد أن "السلفية في السليمانية وعموم الإقليم يقيمون الشعائر الدينية في مساجدهم، ولا يتدخلون بشؤون وحياة الناس ولا يكفر أحداً إطلاقاً، وليس لها أي دعم مالي من أي دولة كانت، وحتى تعمير المساجد يتم من خلال تبرعات المصلين أنفسهم".
موقف السلفية من السياسة
يضيف لقمان محمد أن "السلفية لا تدعم أي طرف سياسي في إقليم كردستان"، مضيفاً: "نحن علاقتنا مع الدين وإقامة الشعائر المفروضة فقط، ولن نتدخل بالسياسة إطلاقاً، ولكن هنالك مساحة حرية وعدم مضايقة من قبل سلطات الإقليم وهذا أمر مقدر لأننا لا نقوم بما هو مخالف أبداً".
