سيرة مترجم بارع: غريغوري راباسا
مقدمة
قد لا يعرف الكثيرون اسمه ولم يسمعوا به من قبل، لكنهم على الأرجح يمتلكون بعض أعماله في مكتباتهم. إنّه غريغوري راباسا، المترجم الشاخص في الترجمة الأدبية. ترجم لأكثر من 30 كاتبًا ناطقًا بالإسبانية والبرتغالية من أميركا اللاتينية إلى الإنجليزية.
مسيرة الترجمة
فتحت ترجمات راباسا أعين القراء الناطقين باللغة الإنجليزية على الموجة الغنية من الأدب الحديث لأميركا اللاتينية المستوحى من التراث الشعبي، التي أنتجت خلال فترة "الازدهار" لمؤلفين مثل خوليو كورتاثار، وماريو فارغاس يوسا، وبالطبع غابرييل غارسيا ماركيز.
مذكرات راباسا
"إذا كانت هذه خيانة" هي مذكرات راباسا القصيرة؛ لكنها برغم قصرها مثيرة للتفكير. فضلاً عن كونها غنية بالمتع اللغوية والحقائق التاريخية والإشارات الأدبية، فإنّ المذكرات تظهر بجلاء وكأنّها عمل شاعر بارع، تبقيك متيقظًا كمن يلعب الشطرنج ويتوقع كل حين نقلة غير متوقعة تقلب مسار اللعبة.
نظرية الترجمة
يستخدم راباسا القسم الأول من مذكراته للإطلالة السريعة على وقائع موجزة من خلفيته العائلية والثقافية والمهنية. يبدو الأمر وكأنّ راباسا كان مهيّئًا على نحو جيد منذ البدء ليكرّس حياته للترجمة. كان ابنًا لأبوين عاشقين للكلمات، وجدّين من أربعة بلدان مختلفة، حظي بتعليم لغوي مكثف ومتنوع وممتاز، وشرع في مسيرة عسكرية قصيرة أوصلته إلى أوروبا وأفريقيا البعيدتين كخبير تشفير للمراسلات العسكرية.
تجربة الترجمة
يتناول راباسا في مذكراته تجربته الشخصية مع الترجمة، ويؤكد أنّها أبعد ما تكون عن التعقيد أو الإزعاج. هو يتبع النص، يتركه ليقوده إلى حيث يتبيّن موطن التمييز والاختلاف فيه وربما حتى الابتكار الذي يميز كل مؤلف عن سواه.
مؤلفون بارزون
يتذكّر راباسا بعض المؤلفين بمودة كبيرة بعد أن التقى بالعديد منهم، وأصبح صديقًا حميمًا لهم، أو حتى درس أعمالهم عندما كان طالبًا بعدُ. يغدق راباسا بالثناء والتشبيهات على بعض هؤلاء الكتّاب: خوان بينيت مثلاً هو بروست إسبانيا، وغابرييل غارسيا ماركيز هو الوريث المباشر لثيربانتس، وكلاريس ليسبكتور كانت تشبه مارلين ديتريش وتكتب كفيرجينيا وولف؛ لكنّ الحياة لم تحسن معاملتها كما تستحق.
خاتمة
لن يكون أمرًا غريبًا أن يكرّس راباسا صفحاتٍ أكثر لغابرييل غارسيا ماركيز من أي كاتب آخر؛ فقد ترجم له ستًا من رواياته. يقال إنّ غارسيا ماركيز كان يفضّل ترجمة راباسا الإنجليزية على روايته الأصلية. وكما هو معتاد، يقدم راباسا هذا الإطراء بأسلوب متواضع مُميز: "شعوري الغامض هو أن غابو (غابرييل غارسيا ماركيز) كانت لديه بالفعل كلماتٌ إنجليزيةٌ مختبئةٌ خلف الإسبانية، وكل ما كان عليّ فعله هو استخلاصها".