دمشق بعد الإطاحة بحكم الأسد: بين النقاش المفتوح والقلق من قيود على الحريات الشخصية
النقاش المفتوح في دمشق
بعد الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي مارس قمعاً وتسلطاً لعقود، تتحول المقاهي والمطاعم والحانات في العاصمة إلى مساحات لنقاش مفتوح حول الحريات السياسية والفردية وقضايا كانت تعد من المحرمات، كملفات المفقودين والسجون. داخل قصر "النعسان" المبني على الطراز الدمشقي القديم في باب شرقي، تقول عشتار (26 سنة)، وسط إشادة الحاضرين بصوتها، "أُغلقت حانات ومطاعم وواجهت أخرى مشكلات في الترخيص. لكن، الحمد لله أننا عدنا اليوم لنعمل من جديد".
الحريات
على رغم أن السلطة لم تفرض رسمياً قيوداً على الحريات والسلوك الاجتماعي، لكن بعض الإجراءات وانتهاكات غالباً ما تُصنّف "فردية"، تثير قلقاً وخشية من فرض قيود على الحريات الشخصية. وتوضح عشتار، خريجة الهندسة التي تستخدم اسمها الفني، "أوقف التغيير (في السلطة) بصورة عامة كل أنشطتنا. وأصبحنا نخشى الغناء بحرية في أي مكان".
اعتداء
في الشهر الماضي، أثار اعتداء مقاتلين من مجموعة تابعة للسلطة على رواد ملهى ليلي، ثم مقتل سيدة بعد أيام بهجوم مسلحين مجهولين على ملهى آخر، المخاوف في مجتمع متعدد الانتماءات الدينية والاجتماعية، ثم أعلنت السلطات توقيف المتورطين في الهجوم الأول.
تفاؤل
وتبدي الموظفة المتقاعدة ريما شاشاتي تفاؤلها بالمرحلة المقبلة، وتعرب عن اعتقادها بأن "التصرفات السلبية التي تحصل تكون فردية بصورة عامة"، وتقول بتأثر "يلزمنا أن نجتمع معاً ونحب بعضنا بعضاً"، مضيفة أن "الفرح يليق بنا بعد حرب" دامت نحو 14 عاماً وأودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص وفرّقت شمل العائلات.
الحرية
الأحد الماضي، بدأت إعادة افتتاح المسابح في دمشق، وأبقى بعضها الحال على ما هي عليه لناحية حرية اللباس والاختلاط، بينما لم يحسم بعضها الآخر قراره. ومنع فندق معروف الزبائن غير النزلاء من ارتياد مسابحه، بينما أحجم فندق آخر عن تقديم الكحول في مطاعمه، لكنه ما زال متوافراً عبر خدمة الغرف، كما أكد نزلاء.
انقسام عريض
على الإنترنت، تتداول حسابات صوراً ومقاطع فيديو تهاجم فتيات بثياب البحر أو حفلات راقصة، وتتحدث أخرى عن "تنقيب" طالبات جامعيات. وفي الشوارع تجول سيارات تحض على التزام تعاليم الإسلام والصلاة، مما يثير انقساماً عريضاً بين مؤيد ومنتقد بشدة. كما جرى تداول منشورات عن فصل بين الجنسين في وسائل النقل العام، وفي أنشطة رياضية عدة سواء محترفة أو في مساحات عامة، تندر رؤية فتيات يرتدين سراويل قصيرة.
مستقبل سوريا
في هذا الوقت، يعرب كثرٌ عن فرحتهم بسوريا الجديدة، مثل مجد النعسان (33 سنة) الذي عاد لدمشق مطلع العام بعد 10 أعوام في النمسا. ويقول الشاب الذي ينظم حفلات موسيقية وفنية "ثمة قلق، لكنه لا يتعلق بالحكومة فقط، بل بأننا ما زلنا على طريق استتباب الأمن"، ويضيف أن "ثمة قلقاً في دمشق، لكن هناك أيضاً إرادة حياة". وخلال توقيع كتاب في مقهى دمشقي شهير، يرى محمد مأمون الحمصي، وهو سياسي سابق ومعارض بارز لحكم الأسد الذي سجنه أعواماً أنه "مهما صدرت آراء قد نختلف عليها، لكن في النهاية ستنتصر دمشق"، ويقول "أثبتت دمشق أنه لا يمكن اختطافها، دمشق للجميع".