لم تكن لحظة سقوط المشروع السياسى لجماعة الإخوان الإرهابية فى مصر عام 2013 نهاية المعركة، بل كانت بداية لحربٍ أخرى أكثر شراسةً وأقل وضوحاً، متمثلة فى حرب الشائعات، حيث تحولت الجماعة وحلفاؤها إلى ماكينة إعلامية ضخمة، تُطلق يومياً سيلاً من الأكاذيب المغلفة بأهداف سياسية مدمرة، فى محاولة يائسة للنيل من استقرار الدولة المصرية وتقويض مسيرتها التنموية.
ولكن هذه الحرب تؤكد ضعفهم الشديد، فالشائعات سلاح الضعفاء ومن لا حيلة له، فليس للجماعة وأنصارها قدرة على فعل شيء سوى إطلاق سيل من الشائعات والأكاذيب وقلب الحقائق ضد الدولة المصرية، فبعد فقدانها القاعدة الشعبية وهزيمتها أمنياً، أدركت الجماعة أن الشائعة أرخص من الرصاصة وأوسع انتشارا، وأن الكذبة المؤثرة قد تخترق العقول قبل أن تكتشفها الحقائق، وتسميم الرأى العام وسيلة لإعادة إنتاج الأزمات حتى لو كانت مُختلَقة.
تُنتج “مصانع الأكاذيب” التابعة للجماعة محتوى مُعداً سلفاً يتمثل فى فيديوهات مفبركة وإحصائيات وهمية وشهادات مزيفة لمعارضين مجهولين، وتتعمد الجماعة إطلاق الشائعات فى لحظات حرجة مثل افتتاح مشروع قومى أو أثناء أزمة عالمية كجائحة كورونا لتحويل الإنجاز إلى فشل والأزمة الدولية إلى جريمة حكومة، حتى أنهم استغلوا دماء أهل غزة الأبرياء فى مسلسل شائعاتهم، فلم تكن مأساة غزة سوى وقود جديد فى آلة الكذب التى تديرها جماعة الإخوان وحلفاؤها، فبينما تُسحق البيوت على رؤوس أهل القطاع، وتُقطع سبل الحياة، تُحوّل الجماعة الإرهابية هذه الكارثة الإنسانية إلى منصة لتشويه مصر، فى لعبة تفضح انعدام اخلاقياتهم.
واستغلوا حرب غزة لبث سيل من الشائعات والأكاذيب غرضها تقويض مكانة مصر الإقليمية بإيهام الشعوب العربية أن مصر تتخلى عن فلسطين، وتحويل غزة إلى ورقة ضغط لرفع العقوبات عن الجماعة الإرهابية دوليا تحت شعار “إنقاذ غزة”، ومن أهم أهدافها أيضا إشعال الفتنة الداخلية عبر تصوير الدولة المصرية كعدو للشعب الفلسطينى لزعزعة الاستقرار.
ولكن الأفعال هى من ترد على هذه الهراءات فالدولة المصرية فعلت ما لم يفعله أحد، ما بين إرسال عشرات الآلاف من أطنان المساعدات الإنسانية والإغاثية لأهالى قطاع غزة، والجهود الدبلوماسية للتوصل لاتفاقات وقف إطلاق النار، ورفع قضية غزة لمحكمة العدل الدولية والضغط على المجتمع الدولى لتبنى القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، هذا وكان الأبرز رفض مخطط التهجير وإعلانه خطاً أحمر أمام العالم أجمع للتصدى لتصفية القضية الفلسطينية.
ويعتبر استغلالهم معاناة أهل غزة فى محاولات تشويه الدولة المصرية، أمر خطير تكمن خطورته فى تحويل دماء الأطفال إلى سلاح دعائى رخيص، وتشويه مصر يصرف الأنظار عن جرائم إسرائيل الحقيقية بالإضافة إلى مساعدتهم فى تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط.
ولكن رغم كل محاولاتهم إلا أن أكاذيبهم تفشل فى كل مرة، فهناك عدة أسباب تقتلع جذور أكاذيبهم تتمثل فى الوعى الجمعى، حيث أصبح المصريون خبراء فى كشف الشائعة، بالإضافة إلى الإنجازات الملموسة والتى ترد على الشائعات بالأفعال وليس الأقوال، مثل الطرق والكبارى والمدن الجديدة ومحطات الطاقة وغيرها.
عزيزى القارئ الشائعات لم تعد مجرد سلاح للإخوان بل صارت دليلا حياً على عجزهم عن المواجهة السياسية الشريفة، ومحركاً لتطوير المناعة المجتمعية فى مصر، وفرصة لتعزيز الوحدة الوطنية، فلو كان فى جعبتهم حق لقالوه، لكنهم اختاروا الكذب، واليوم كل شائعة تُطلق من منفى الجماعة لا تسقط مصر بل تسقط بقايا مصداقيتهم، وتُذكر العالم بأنهم أعداء الحياة نفسها.