مونديال قطر 2022: عاصفة من الانجازات والتأثيرات
قبل أيام، أُسدل الستار على أكبر بطولة عالمية لكرة القدم في أصغر دولة عربية من حيث المساحة وعدد السكان. دولة قطر، رغم صغر حجمها، أثبتت أنها كبيرة في الاقتصاد والتأثير الدولي، وأكثر تمسكًا بقيمها. لقد أظهرت قطر أن الدول لا تقاس بحجم مساحاتها أو عدد سكانها، بل بحجم احترامها لذاتها واحترام مواطنيها، والأهم، حب المواطنين لحكامهم ومحكوميهم لتراب وطنهم واستعدادهم للدفاع عنه.
كرنفال دولي
قطر فكرت بجرأة وثقة عالية في تنظيم هذا الكرنفال الدولي. خططت لهذا المشروع وبذلت مجهودًا كبيرًا حتى حصلت على شرف تنظيم واستضافة هذه البطولة العالمية. النجاح يبدأ بفكرة، والفكرة تنمو في ذهن أصحابها حتى تصبح مشروعًا ثم يكون هذا المشروع حقيقة. لقد نجحت قطر في تنظيم واستقبال الملايين على أراضيها من شتى بقاع الأرض، بمختلف ألوانهم وأشكالهم ودياناتهم ومعتقداتهم وثقافاتهم.
فرض القيم
نجحت دولة قطر بفرض قيمها على كل من وطئت قدماه على أرضها، وفرضت احترام هذه القيم على الجماهير المليونية المختلفة. هذا الاحترام تجسد في مواقف كثيرة، منها ما ظهرت وبثت في وسائل الإعلام المختلفة. على سبيل المثال، منعت الدولة المضيفة دخول الخمور إلى الملاعب، ومنعت الذين يرتدون اللباس الذي يشير إلى العنصرية، مثل الزي الصليبي الذي كان يرتدي بعض الجماهير الإنجليزية. كما منعت رفع علم المثليين، رغم الاعتراض الشديد لوفود أكبر دول العالم.
الانفتاح على الثقافة العربية والإسلامية
قامتavy قطر بفتح نوافذ التعرف على القيم والمبادئ الإسلامية والعربية أمام الجماهير العالمية المليونية. فتحت المساجد أبوابها، والمتاحف التي تحاكي تاريخنا وقيمنا، وتنظيم المعارض والأمسية الثقافية والفنون، لكي يتعرف الزوار عن قرب والانفتاح على ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع العربي الإسلامي. أعطت صورة ناصعة لسماحة ديننا الإسلامي الحنيف في نشر مبادئ السلام والمحبة والاعتدال والوسطية، ونبذ الكراهية للآخر.
اعتناق الإسلام
ان التأثير المقابل الذي قدمته قطر تجلى بوضوح باعتناق الإسلام لمئات من الجماهير الحاضرة لمتابعة البطولة أو تشجيع منتخبات دولهم. هذا النجاح الفكري والقيمي أرى أنه أكثر أهمية من النجاح اللوجستي والتنظيمي الباهر الذي حققته دولة قطر.
فكرة العباءة العربية
اما الفكرة التي هزت واشغلت العالم وأوصلت رسالة عظيمة هي فكرة العباءة العربية "البشت". العظمة أن تأتي بفكرة بسيطة من حيث الفعل والإداء، لتعطي أثرًا ونتيجة كبيرة تتخطى كل الحدود. هذه الفكرة التي اختارها صاحبها اللحظة الأغلى والأثمن من أيام وساعات ولحظات البطولة، هي لحظة التتويج. أي عبقري قدح فكره واختار هذه اللحظة لعمل ما، وجاء بفكرة إلباس هذه العباءة العربية البشت من قبل راعي البطولة ورئيس الدولة المضيفة، واثناء تسليم كأس البطولة 2022 لأشهر لاعب عرفه التاريخ، ميسي.
صاحب الفكرة
ان ما تعنيه فكرة ارتداء اللاعب الأسطوري ميسي للبشت العربي، وفي لحظة استلامه كأس البطولة، أعتقد جازمًا أن صاحب الفكرة أراد بذكاء أن يوصل رسالة لكل العالم أن قطر نجحت وتميزت في تنظيم المونديال الأكبر عام 2022. وبذات الوقت، أراد بارتداء البطل لهذه العباءة أن يكون شاهداً حياً على هذا النجاح الكبير. لمّا لهذه العباءة أو البشت من دلالات على كرم الضيافة العربية الأصيلة، وعلى المروءة والشجاعة وأكرام الضيف الذي يتحلى به الفرد العربي.
مونديال القيم والأخلاق
لذلك أبى الأمير،/bashjاعة العربية الأصيلة وفطنة قبل على كونه رئيس دولة قطر، فتصدى لهذا الموقف الذي صدر من رئيس الفيفا ومنع أي أحد أن يتقدم عليه عند نزولهم إلى ارض الملعب لتتويج البطل الفائز ووصيفه في البطولة. ولم يتنازل عن حقه في تتويج الفائز وتسليم الكأس، باعتباره رئيس الدولة المنظمة للبطولة. كان هذا الموقف الشجاع مسك ختام المونديال، الذي تجسدت فيه القيم العربية الإسلامية بمعانيها. فاستحقت أن نسميها مونديال القيم والأخلاق، مونديال قطر 2022. كلنا فخر بهذا الإنجاز، كوننا عرب.