العراق وأوربا: فرصة للتعاون في قطاع الطاقة
السياق
يعلم جميع متابعي أسواق الطاقة الدولية أن روسيا تزود أوروبا بـ 40% من حاجتها للغاز الطبيعي، بينما تزود النرويج أوروبا بـ 20% من الغاز. نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، حدثت فجوة في عرض الغاز بسبب انخفاض المعروض الروسي بشكل كبير. هذا أدى إلى لجوء الأوروبيين إلى النرويج والولايات المتحدة للحصول على الغاز، الذي شهد ارتفاعات كبيرة في أسعاره.
التحديات
المشكلة تكمن في أن الغاز القادم من الولايات المتحدة يتم تسييله في محطات على السواحل الأمريكية ثم يشحن إلى أوروبا، مما يزيد من التكاليف. الأوروبيون حاولوا إيجاد حلول لهذه المشكلة، فقدمت فرنسا و14 دولة أوروبية أخرى اقتراحًا لتحديد سقف لأسعار الغاز، إلا أن النرويج رفضت ذلك بسبب نظامها الرسمى وكون المنتجين هم شركات أهلية. كما اقترحت ألمانيا تنظيم أسواق الغاز بالاتفاق مع المستوردين الآسيويين للتحكم بأسعاره، لكن هذه الخطة لم تنجح في ظل الطلب العالمي المحموم على الغاز.
الفرصة العراقية
في هذا السياق، كان ذهاب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أوروبا لطرح حل يعتمد على حاجة الأوروبيين للغاز استثمارًا رائعًا للغاز المصاحب والطبيعي في العراق. هذه المبادرة كانت لمسة رائعة واستثمارًا للوقت المثالي من الحكومة العراقية لدخول أسواق الغاز بوقت قياسي.
التطورات
شهدنا استقبالًا حارًا لرئيس الوزراء السوداني في فرنسا، بعد تلبيته لدعوة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون لزيارة باريس، وتوقيع اتفاقية بين البلدين تضمن 54 مادة و63 فقرة، تركز جزء مهم منها على استثمار الغاز والغاز المصاحب وتطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة. كما زار السوداني ألمانيا، مما يشير إلى أهمية العراق للأوروبيين في هذا الوقت.
الخطوات المستقبلية
دخول العراق كمنتج ومصدر لأسواق الغاز العالمية كان هدفًا معلنًا لحكومة السيد السوداني، وتم إدراجه في البرنامج الحكومي. الحكومة العراقية مهدت لهذا الأمر الاستراتيجي بعدة خطوات، بما في ذلك ترأس السوداني اجتماعًا خاصًا بمشروع تنمية الغاز المتكامل، وزيارته لألمانيا ودعوته للشركات الألمانية للاستثمار في مجالات الطاقة والغاز الطبيعي والغاز المصاحب في العراق.
الاستدامة
مع هدف مدروس للحكومة العراقية وحاجة أوروبا للغاز، واختيار الوقت والمكان المناسب بذكاء، تم توقيع جولة التراخيص الخامسة، التي تتضمن استغناء العراق عن ربع كمية الغاز الذي يستورده خلال 15 شهرًا، وكل الغاز المستورد خلال ثلاث سنوات، وهذا وقت قياسي. السؤال المهم الآن هو متى سيزود العراق أوروبا بالغاز؟

