عن الرعاية الصحية التلطيفية
يعتبر شغفي تجاه الرعاية الصحية التلطيفية ومساعدة المرضى في غمرة أيامهم الأخيرة على الرحيل عن هذه الدنيا "بسلام وسكينة" هو شغف عميق. الرعاية التلطيفية لا تتمحور حول الموت نفسه فحسب، بل هي عن كيفية جعل لحظات الحياة الأخيرة هادئة ومريحة.
دروس الحياة من المرضى
أعمل مع أشخاص من مختلف الأعمار، من سن الـ18 فما فوق، يكابدون أمراضاً متنوعة، من بينها السرطان وقصور القلب و"باركنسون" وداء "العصبون الحركي". وعلى رغم تفاوت حالاتهم وأعمارهم وتجاربهم الحياتية، يتشارك كثير منهم الرؤى العميقة التي تتكشف في أعماقهم مع اقتراب لحظات الوداع.
الندم على الوقت الضائع
في غالب الأحيان، يتحسر هؤلاء على وقت ضاع هباء وأيام انسلت من بين أيديهم بلا معنى. ويستعيدون شريط الماضي ويعتصرهم الندم لأنهم لم يمنحوا الأولويات الحقيقية ما تستحق، ولم يحتضنوا اللحظات بعفويتها وقيمتها العابرة. نحيا في مجتمع يركض فيه الجميع بلا هوادة، ونثقل كاهلنا بضغوط كبيرة طامحين إلى تحقيق إنجازات عظيمة، فيما يضيع منا بهدوء المعنى الحقيقي للحياة.
اللحظات الصغيرة
حينما تقترب الرحلة من خواتيمها، يتأمل الناس غالباً حياتهم التي مضت ليكتشفوا أن ما يستحق التوقف من أجله ليس الإنجازات الكبيرة، بل تلك اللحظات الصغيرة التي مرت بهدوء، كنزهة في الهواء الطلق، أو تمشية مع الكلب، أو حديث دافئ مع صديق. وفي هذه المرحلة، يدركون كم كانت تلك الأوقات عظيمة بتفاصيلها.
أهمية العائلة
أنا بدوري، أيقنت كم ثمين أن أكون حاضرة في حياة أطفالي فيما يكبرون. لذا، لا تفوتوا يوم الرياضة، ولا عرض المسرحية المدرسية، إن استطعتم. مرضاي يذكرونني دائماً بأن الزمن لا يعود، وأن اللحظة التي تضيع، تضيع إلى الأبد.
المصالحة في نهاية المطاف
وعلى فراش الموت، يندمون أشد الندم أيضاً على الانشغال بالخلافات. على حين غرة، تبدو تلك المشاحنات التافهة أو الضغائن التي حملوها طوال أعوام بلا معنى، وكأنها لم تكُن تستحق ذلك العناء كله. وعموماً، يتوق الناس إلى المصالحة عندما تقترب النهاية.
الاستماع والمشاعر
أن تكوني ممرضة في الرعاية التلطيفية يعني أن تتحلي بصبر كبير. فكثير من المواقف تتسم بالصعوبة أو التعقيد، وتتطلب مرونة وحذراً في التعامل معها، إذ تكون مجبولة بالمشاعر المرهفة والحزن العميق، وعلينا أيضاً أن نمتلك مهارات استماع ممتازة، فقد يروي لنا المرضى أو عائلاتهم قصصاً لم يرغبوا في التحدث عنها سابقاً.
التحدث عن نهاية الحياة
صرت أعرف الآن أيضاً أهمية التحدث عن رغبات نهاية الحياة قبل وقت طويل من انطفاء شمعة العمر. فاعتاد أفراد عائلتي على المزاح في شأن إصراري الدائم على إثارة هذا الموضوع، ولكني سأبقى أطرحه دائماً. الحديث عن الموت ليس مخيفاً خلافاً لما يظنه بعضهم.
كرامة الموت
في نهاية الحياة، تبقى الكرامة هي المسألة الأهم. عندما نستقبل المريض، نحرص على أن نسأله: "ما الذي يهمك؟"، ويختلف الجواب باختلاف الأشخاص. يرغب أحدهم مثلاً في ارتداء "بيجامته" المفضلة، وربما يطلب آخر احتساء كوب من الشاي كل صباح. ولكن الحاجة التي تجمع بينهم، الاعتراف بهم كأفراد لكل منهم خصوصيته وقيمته الفريدة.
دار سو رايدر
دار "سو رايدر" موجودة كي لا يواجه أحد الموت أو الحزن وحيداً. لمزيد من المعلومات حول خدمات الرعاية التلطيفية، زوروا الموقع الإلكتروني sueryder.org ، أو ابحثوا عن عبارة "الحزن يستحق الأفضل" Grief Deserves Better للحصول على دعم مجاني في حالات الفقد.

