التحالفات الانتخابية في العراق: تكتلات غير مستقرة تبني على مصالح آنية
رصد أولي للتفكك
في ظل اقتراب الانتخابات البرلمانية في العراق، يظهر تصدع مبكر في التحالفات التي تشكلت لخوض السباق الانتخابي. هذه التحالفات، التي جمعت على عجل، لا تعتمد على رؤى وطنية أو برامج حقيقية، وإنما تشكلت على أساس مصالح حزبية ضيقة. يصفها البعض بـ"تحالفات مصالح آنية" التي قد تتعرض للتآكل مع اقتراب لحظة فرز الأصوات وتوزيع الغنائم السياسية.
تحالفات غير مستقرة
يؤكد الباحث في الشأن السياسي حسين الأسعد أن "التحالفات الانتخابية الحالية بُنيت على أساس مصالح حزبية وشخصية، لا على رؤى أو برامج حقيقية، ولهذا فهي مرشّحة للانهيار سريعًا". يضيف الأسعد أن "مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد ولادة تحالفات جديدة، لكنها أيضًا ستكون قصيرة العمر، وهدفها الرئيس سيكون الحصول على المناصب والمكاسب فقط".
إلغاء أول تحالف
أقدمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مؤخرًا على إلغاء المصادقة على تحالف “الأنبار المتحد”، بعد انسحاب أحد مكوناته وفقدانه شرط التعددية الحزبية. هذه الخطوة تعكس هشاشة التفاهمات داخل عدد من التكتلات وغياب الضمانات القانونية لاستمرارها حتى يوم الاقتراع.
الإطار والتيار.. استقطاب بلا استقرار
التحالفات الشيعية التقليدية تعيش أزمة داخلية. ففي داخل الإطار التنسيقي، تتزايد الخلافات بين مكوناته حول آلية توزيع المرشحين وتقاسم النفوذ. انسحاب التيار الصدري من السباق قد يفتح الباب أمام قوى جديدة لإعادة رسم الخريطة، أو يدفع الإطار نفسه إلى الانقسام بحثًا عن قنوات تواصل مع جمهور التيار الغائب.
المكون السني والكردي.. انقسام داخلي مستمر
لا يبدو المشهد السني أو الكردي أفضل حالًا. ففي حين تتشتت القوى السنية بين تحالفات محلية ضيقة في الأنبار ونينوى، يعاني البيت الكردي من أزمة أعمق، حيث تعجز الأحزاب الكبرى عن تشكيل موقف موحد، وسط صراع داخلي متفاقم واتهامات بالتفرد بالقرار السياسي والاقتصادي.
تحالفات بدون مضمون.. عودة "الزعامات القديمة"
معظم التحالفات أعادت تدوير وجوه وزعامات قديمة، مما يُفرغ العملية من أي مضمون تجديدي. غالبية الكتل الانتخابية الحالية عادت لضم نواب ووزراء سابقين، متهمين بسوء الأداء أو الفساد، دون مراجعة حقيقية أو تقديم وجوه شابة قادرة على إحداث تغيير ملموس.
لا تحالفات بل “تفاهمات حرب باردة”
يرى مراقبون أن ما يجري ليس تحالفات بالمعنى السياسي المؤسسي، بل مجرد "تفاهمات هدنة"، سرعان ما تنهار عند أول اختبار للمصالح. ولا يُستبعد أن يتكرر سيناريو ما بعد انتخابات 2018 أو 2021، حين انفجرت الخلافات بعد يوم الاقتراع مباشرة، وتحولت تفاهمات الأمس إلى خصومات معلنة، أفضت إلى تعطيل تشكيل الحكومات وتأخير إقرار القوانين.