انتشار الروابط التبرعية على منصة إكس (تويتر)
في الآونة الأخيرة، تشهد منصة "إكس" (تويتر سابقاً) في السعودية انتشاراً لافتاً لروابط تبرعات موثوقة، لا سيما من منصات حكومية ومصرح لها مثل "إحسان". تظهر هذه الروابط في تغريدات تتكرر بصيغة مألوفة تبدأ عادة بجمل مثل "دعونا نتشارك الأجر"، أو "دقيقة لأجر عظيم"، وتنتشر ضمن سلاسل سردية ذات طابع عاطفي، تتخللها قصص عن مرضى بحاجة إلى علاج عاجل، أو سجناء ينتظرون فكاك كربات مالية.
حقيقية الروابط وتساؤلات حول انتشارها
على رغم صدقية الروابط، التي غالباً ما تؤدي إلى حملات تبرع رسمية على منصات معتمدة، إلا أن اللافت هو طريقة انتشارها، فعدد كبير من الحسابات التي تروج لها تبدو وهمية، تحمل صوراً عامة لا تشير إلى هوية حقيقية، مثل مناظر طبيعية أو صور أطفال أو حيوانات، وتظهر وكأنها مملوكة لأشخاص أكبر سناً أو عديمي الخبرة بالتقنية، لكن التحليل الأدق يكشف عن أن بعضها مصمم بعناية وله هدف تجاري.
حسابات تحت الإنشاء… للبيع لاحقاً
رصدت دراسة أن كثيراً من هذه الحسابات الوهمية تتفاعل مع بعضها، وتتابع بعضها بعضاً، وتعيد نشر المحتوى نفسه بصيغ متقاربة. ووفقاً لما كشف عنه بعض الوسطاء ممن يعملون في سوق الحسابات، فإن هذه الحسابات تنشأ بهدف بيعها لاحقاً بعد رفع عدد المتابعين وزيادة التفاعل.
أسعار الحسابات… من مئات إلى عشرات الآلاف
تتنوع أساليب جذب المتابعين بين نشر آيات قرآنية، أو اقتباسات محفزة، أو معلومات علمية مبسطة، لتكوين محتوى يبدو بريئاً، لكنه في الحقيقة يهدف إلى جذب قاعدة جماهيرية تسعر على أساسها قيمة الحساب. تختلف الأسعار بشكل كبير، حيث يمكن أن تتراوح من بضع مئات إلى عشرات الآلاف من الدولارات، حسب عدد المتابعين ومدى تفاعلهم.
حسابات وهمية وروابط تبرعات شرعية
بينما يزداد حضور الحسابات الوهمية على منصة "إكس"، تبرز تجارة رقمية لا تقتصر على بيع الحسابات بعد تضخيم عدد متابعيها، بل تتجه نحو شكل جديد من الاستثمار في هذه الحسابات، يتمثل في الترويج المنهجي لروابط التبرعات، حتى وإن كانت شرعية.
استثمار خفي في روابط التبرعات
تتمثل الآلية في امتلاك شخص واحد لمجموعة حسابات متشابهة تنشر محتوى موحداً ركيك اللغة، يبدو وكأنه مترجم آلياً أو كتب عبر أدوات الذكاء الاصطناعي. تتفاعل هذه الحسابات مع بعضها بعضاً بطريقة متكررة، مما يعزز من فرص ظهورها في خوارزميات المنصة، ويمنحها طابعاً زائفاً من التفاعل الحقيقي.
استثمار خفي آخر في روابط التبرعات
بعيداً من الاستثمار المباشر في روابط التبرعات لتحقيق عوائد مالية من عدد النقرات، تبرز آلية أخرى في عالم التبرعات الرقمية، تقوم على التنسيق بين ثلاثة أطراف: صاحب الفاتورة، والوسيط، والمؤثر أو المشهور. تبدأ القصة بصاحب فاتورة مسجلة في منصة تبرعات رسمية، غالباً ما يكون غير قادر على تسديد كامل المبلغ المطلوب، ويملك فقط نسبة بسيطة منه.
أخلاقيات التلاعب بالخطاب الإنساني
على رغم أن جميع الروابط المستخدمة في هذا السياق تعود لمنصات رسمية وموثوقة، إلا أن هذا النموذج يثير تساؤلات أخلاقية حول تحول فعل التبرع من واجب إنساني إلى إعلان تجاري، يتخلله تفاوض واتفاقات خلف الكواليس بين المحتاجين والوسطاء والمؤثرين. يظهر أن الاستثمار في المحتوى العاطفي والديني لم يعد مقتصراً على كسب التفاعل أو بناء جمهور، بل تطور إلى نموذج شبه تجاري يخفي وراء نوايا الخير رغبة في الربح.