إطار تاريخي
بعد ثلاث سنوات من المفاوضات الشاقة، أقرّت جمعية الصحة العالمية في جنيف الاتفاق "التاريخي" بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. وقد وصف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الاتفاق بأنه "انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف"، موضحًا أنّه سيسهم في حماية العالم بشكل أفضل من تهديدات الجوائح.
أهداف الاتفاق
يهدف الاتفاق إلى التأهب بشكل أفضل للجوائح المقبلة وتعزيز سبل مكافحتها. وقد تم إعداده في ضوء الفشل الجماعي في التعامل مع جائحة كوفيد-19، التي أودت بحياة الملايين وقوّضت الاقتصاد العالمي. يرمي الاتفاق إلى تحقيق آلية تنسيق عالمية على نحو أبكر وأكثر فعالية في آن للوقاية والرصد والاستجابة لأي مخاطر قد تؤدي إلى جائحة.
ملامح الاتفاق
ينص الاتفاق على آلية لتشارك المعلومات والمنافع، تتيح تشاركًا سريعًا ومنهجيًا للمعلومات الخاصة ببروز مسببات للمرض قد تؤدي إلى تفشي جائحة. يتماشى ذلك مع الهدف من ضمان الإنصاف في الحصول على المنتجات الصحية في حال حدوث جائحة، وهي مطلب طالبت به البلدان الأكثر فقرًا خلال كوفيد-19 عندما احتكرت الدول الثرية اللقاحات وفحوصات التشخيص.
كما يقدم الاتفاق إطارًا لتعزيز الترصّد المتعدّد القطاعات ونهج "صحة واحدة" على صعيد البشر والحيوانات والبيئة، مع التركيز على أهمية هذا النهج في مواجهة الأمراض الناشئة. يشير إلى أن 60% من الأمراض الناشئة ناجمة عن أمراض حيوانية المصدر، مما يبرز الحاجة إلى تعاون دولي فعال.
تحديات وتحفيزات
على الرغم من الأهمية التاريخية لهذا الاتفاق، واجهت المفاوضات تحديات ومعارضة شديدة، لا سيما حول مسألة سيادة الدول. وقد اعتبر البعض أن الاتفاق قد يحدّ من سيادة الدول، في حين يشير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إلى أن الاتفاق لن يغيّر الوضع، بل سيساعد البلدان على الوقاية من الجوائح وتوفير حماية أفضل للناس في جميع البلدان.
الاستجابة الدولية
تمت المصادقة على الاتفاق بموافقة 124 صوتًا، دون تصويت دولة ضدّه، مع امتناع بعض الدول عن التصويت. يُعتبر هذا الإجماع الدولي خطوة هامة نحو تعزيز الأداء العالمي في مواجهة الجوائح،尽管 يواجه الاتفاق تحديات في التنفيذ والتفاوض على التفاصيل الدقيقة للآليات الجديدة. يبقى الاستثمار في النظم الصحية وضمان الموارد البشرية اللازمة في البلدان أمرًا أساسيًا لتحقيق أهداف الاتفاق.

