نهار الاثنين الماضي، أعلن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، إطلاق شركة «هيوماين» إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، والتي تهدف إلى تطوير حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي وإدارتها، والاستثمار في منظومة القطاع.
هل يمكن القطع بأن طريق «هيوماين»، هي أحد دروب مستقبل المملكة العربية السعودية المكين؟
المشروع الجديد حكماً هو ركيزة مضافة لمستقبل تتجلَّى خطواته في طريق الإنسانية الصاعدة في عالم الذكاء الاصطناعي؛ إذ تعد «هيوماين» دون تهوين أو تهويل، قفزة جديدة في بناء «رؤية 2030» التي تنقل المملكة إلى المكانة التي تستحقها عقلاً ونقلاً، خدمة للبشر وتنميتهم، واستثماراً في الحجر وترقية كياناته لخدمة الاقتصاد الوطني.
لم يعد سراً أن مستقبل التقدم الأممي، بات مرهوناً بقدرة الدول على اللحاق بهذه الثورة غير المسبوقة، والتي تدور من حولها الصراعات العالمية، وما يجري من واشنطن إلى بكين، لا سيما على صعيد قضية الرقائق التكنولوجية، الجني الساحر للقرن الحادي والعشرين، خير دليل على أهمية هذا المضمار.
الشركة الجديدة التي يرأس ولي العهد مجلس إدارتها، ليست شركة اعتيادية؛ ذلك أنها ستكون بكل تأكيد، قاطرة محركة للنمو الاقتصادي في الداخل السعودي؛ ما يعني أن زمن الارتكان إلى وسائل الدخل التقليدية، وفي مقدمها «الريع النفطي» على أهميته ومستقبله، لم يعد الدرب الآمن الوحيد لضمان مسيرة نهضوية سعودية.
على رأس أهداف هذه الشركة تقديم أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، ومن ذلك تطوير أفضل النماذج اللغوية الكبيرة (LLM)، باللغة العربية، إلى جانب الجيل الجديد من مراكز البيانات، والبنية التحتية للحوسبة السحابية، وهي نموذج يقدم خدمات الحوسبة، والشبكات، والبرامج، والتحليلات، والذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت.
الإعلان عن مولد «هيوماين»، يعني صدق وموثوقية كل ما يصدر عن القيادة السعودية الفتية القابضة على جمر المستقبل، ففي عام 2024 تعهدت بالاستثمار في بناء اقتصاد مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق طموحات المملكة في مسار كونها رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
ترسم شركة «هيوماين»، أفقاً واسعاً لشراكات عالية المستوى مع كبريات الشركات الدولية الساعية للاستثمار في المملكة، وفي مقدمها «AWS» أو «أمازون ويب سيرفسيز»، الشركة الأميركية الرائدة في هذا الإطار التي تخطط لاستثمار أكثر من خمسة مليارات دولار في شراكة استراتيجية لبناء منطقة ذكاء اصطناعي هي الأولى من نوعها في المملكة في إطار طموحات الرياض الخلاقة محلياً وإقليمياً ودولياً.
هل المملكة على طريق «الانثقاف التقني» إن جاز التعبير؟
ذلك كذلك دون أدنى شك؛ فالاستثمار المشترك في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وخدمات AWS والتدريب على البرامج المتقدمة التي تزخر بها أسواق التكنولوجيا يوماً تلو الآخر، عطفاً على تطوير المواهب، جميعها أمور من شأنها أن تنمي الطلب العالمي والمحلي على خدمات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في المملكة.
يتساءل المرء: «ما الذي يمكن أن يضيفه مثل هذا المشروع للاقتصاد السعودي؟».
بداية، دعم قطاع الشركات الناشئة، ذلك الجناح النابض بالحياة في عموم ربوع المملكة، من خلال الابتكار المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال توفير الوصول إلى أوسع وأعمق مجموعة من أدوات وبرامج التكنولوجيا، ومساعدة مؤسسي ورواد الأعمال الأكثر طموحاً في المملكة على توسيع نطاق أعمالهم.
الشركات الناشئة في المملكة، كانت طريقاً رحبة لاستثمارات داخلية وخارجية بلغت نحو 750 مليون دولار، في العام الماضي، وهي أعلى حصة من رأس المال الاستثماري حول العالم.
نشأة «هيوماين»، وشراكاتها مع كبريات شركات التقنية العالمية، تعنيان إرساءً محققاً لزمن العصر الذهبي التكنولوجي في السعودية، وتُسرّعان من زخم الإبداع والابتكار بين صفوف شبابها، كما تعززان من مكانتها شريكاً عالمياً في عصر بات يرفض أفكار السيطرة والهيمنة، ويستبعد آيديولوجيات العزل والإقصاء، أي حقبة تاريخية تؤمن بمد الجسور وليس إقامة الجدران.
المستقبل المكين، ليس رجماً بالغيب، ولا رؤية عبر البلورة السحرية، بل حقائق تقطع بأن السعودية سوف تستأثر بالنصيب الأكبر من التأثير الاقتصادي الإيجابي المتوقع للذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.
وفقاً لشركة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، سيساهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 130 مليار دولار في الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030، وهو ما يمثل أكثر من 40 في المائة من قيمة الذكاء الاصطناعي المقدرة بـ320 مليار دولار لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.
المستقبل يصنعه القابضون على الأمل في الغد.