الوظيفة: عبودية العصر الحديث؟
كثيراً ما شكلت الوظيفة محوراً لجدل فكري واجتماعي بين من ينظر إليها كوسيلة لتحقيق الاستقرار المالي وتطوير الذات، ومن يراها عائقاً أمام الطموح وكبحاً للحرية المالية. ومع تغير الزمن وظهور ثقافة ريادة الأعمال، لا سيما في مجال التجارة الإلكترونية، باتت الوظيفة هدفاً لانتقادات متزايدة، حتى وصفت في بعض الطروحات بأنها “عبودية العصر الحديث”.
الخطاب الجديد
وفي الآونة الأخيرة برز محلياً خطاب جديد تتبناه شريحة من الأفراد الذين يمتلكون امتيازات مالية، سواء من خلال الثروات الموروثة أو عبر دعم مكنهم من إطلاق مشاريعهم الخاصة.
وبدأ بعضهم باستخدام منصات التواصل الاجتماعي والبودكاست للترويج لفكرة أن الاستقالة من الوظيفة هي أقصر الطرق نحو الثراء، متجاهلين في كثير من الأحيان الفروق الجوهرية في رأس المال والخبرة وشبكات الدعم المتاحة.
العبودية المأجورة
تروج بعض الخطابات عبارات رنانة من قبيل “استقل وابدأ مشروعك الآن” أو “التجارة الإلكترونية أبسط مما تتخيل”، مرسومة بمشهد مثالي يخلو من التحديات والأخطار، غير أن هذه الدعوات تتجاهل واقع كثر ممن لا يملكون رأس مال كافياً أو شبكة علاقات داعمة أو حتى هامشاً لتجربة الفشل.
وعلى رغم أن هذه الرسائل قد تحمل طابعاً تحفيزياً، فإنها غالباً ما تغفل عن سرد التفاصيل الفعلية للتجربة، وتتجاهل العقبات والفوارق في الفرص والظروف التي يواجهها رواد الأعمال، والنتيجة أن بعض الموظفين يشعرون بالإحباط، حين يخيل إليهم أن الوظيفة عقبة أمام الطموح لا مرحلة أساسية في بنائه.
الأصول لا الأجور
ومن الناحية الفكرية يعود أصل هذا النقد إلى التيارات الاشتراكية والشيوعية، إذ كان الفيلسوف كارل ماركس من أبرز من هاجموا نظام العمل المأجور، معتبراً أن العامل في النظام الرأسمالي يعاني “الاغتراب”، إذ يعمل لتحقيق أرباح لأصحاب رؤوس الأموال لا لذاته، وشبه ماركس العمل في المصانع بـ”العبودية المأجورة”، لأن العامل لا يملك أدوات الإنتاج، بل يبيع جهده ووقته مقابل أجر لا يعكس قيمته الحقيقية.
الوظيفة… الطريق نحو الثراء
وفي السياق ذاته، نشر عبدالعزيز البكر، وهو أحد المهتمين بتطوير ريادة الأعمال في السعودية، مقالاً عبر منصة “لينكد إن”، عبر فيه عن رفضه الخطاب المتداول على منصات التواصل، الذي يصور الوظيفة كعائق أمام النجاح والطموح، مؤكداً أن “الوظيفة ليست عبودية، بل قد تكون بوابة عملية نحو الثراء الحقيقي”.
إقبال متزايد على التجارة… ونمو في السجلات التجارية
وفي المقابل، كشفت وزارة التجارة السعودية عن تسجيل نمو بنسبة 60 في المئة في إصدار السجلات التجارية خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، في مؤشر إلى ازدهار بيئة الأعمال واتساع قاعدة رواد الأعمال.
وبلغ إجمال عدد السجلات التجارية المصدرة خلال عام 2024 نحو 521969 سجلاً، مقابل 368038 سجلاً في 2023، وتوزعت بين 368038 سجلاً للمؤسسات الفردية و153931 سجلاً للشركات.