الرئيس الأميركي دونالد ترمب يكرر ما فعله في فترته الرئاسية السابقة بجعله المملكة العربية السعودية وجهة زيارته الخارجية الأولى. وثمة جدول أعمال ساخن لهذه الزيارة يحتوي على ملفات وصفقات عدة لا سيما في مجالات التقنية. نتائج المحادثات في هذه الزيارة ستواجَه بتحديات عدة، ولكنها ستكون مثمرة في كل الأحوال.
خلاصة القول؛ إن تاريخ العلاقات السعودية – الأميركية الممتد لأكثر من تسعة عقود يُظهر أن الرياض حليف ضرورة لواشنطن لا يمكن أن تستغني عنه في أي حال من الأحوال. والأمر يتعدى العلاقة النفطية، حيث إن الولايات المتحدة لا تعتمد على النفط السعودي بشكل مباشر، ولكنها تحتاج إلى التحالف مع السعودية من أجل ضمان استقرار أسعار النفط بناءً على نفوذ السعودية في منظمة «أوبك»، وعلاقتها الطيبة مع روسيا، المصدِّر الأكبر للنفط خارج «أوبك».
إن عودة ترمب إلى البيت الأبيض، والمصحوبة بهيمنة الحزب الجمهوري على مفاصل القوة في الولايات المتحدة، من شأنها أن تعيد ترتيب الأوراق السياسية في المنطقة. وفي هذا السياق، فإن ترميم التحالفات التي تأثرت بفترة حكم جو بايدن ستكون من أولى أولويات الإدارة الجديدة. سيشمل ذلك الدفع بمبادرات لوقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط. وبالتأكيد، سيكون للمملكة دورٌ محوري في المساعدة على وقف الحربين. فالرياض تحظى بمقبولية من موسكو وكييف، وفي الشرق الأوسط هي محل ثقة لدى كثير من الفلسطينيين واللبنانيين الذين يرغبون في إنهاء الحرب والتركيز على مستقبل الأجيال القادمة.
تشكل عودة ترمب للبيت الأبيض إعادة لمسار التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرياض، فالقيادتان تضعان الاقتصاد والرفاهية على رأس أولوياتهما، ولذلك ينظر قادة البلدين إلى السلام والاستقرار على أنهما ضرورة استراتيجية لاستدامة الرفاهية الاقتصادية.
المؤشرات تقول إن السنوات الأربع المقبلة ستشهد كثيراً من الأحداث التي سترسم مستقبل العالم بشكل عام، والشرق الأوسط بشكل خاص. ستقوم الإدارة الجمهورية بالضغط لتمرير أجندتها في المنطقة، وستقوم السعودية بالضغط للحفاظ على رؤيتها الاستراتيجية للسلام والتنمية في المنطقة. وبين استراتيجيتي واشنطن والرياض سيتشكل كثير من التحالفات التي ستسهم في تقريب وجهات النظر.