المستشفيات الافتراضية: ثورة في عالم الرعاية الصحية
تغلغلت الابتكارات التقنية بشكل واسع في كافة قطاعات الأعمال المختلفة، وأصبحت تمثل جزءا محوريا في العديد من الأعمال حول العالم، ولكن تجنب هذا التغلغل القطاع الصحي بشكل عام وقطاع المستشفيات تحديدا، إذ ظلت الابتكارات التقنية مجرد أداة إضافية تستخدمها الأيادي البشرية في المستشفيات والقطاع الصحي، بعكس بعض القطاعات التي أوكلت إليها مهام كاملة أزيحت من قائمة الأيدي البشرية.
لم يكن فشل القطاع التقني وابتكاراته في التغلغل بالمستشفيات وتحويل آلية عملها إلى آلية تقنية مبتكرة لقصور في قوة الابتكارات التقنية أو نتائج خاطئة، بل بسبب الخصوصية الفريدة التي يتمتع بها القطاع الطبي والتي تجعل عواقب الأخطاء فيه خطرة للغاية.
ما هي المستشفيات الافتراضية؟
داعبت فكرة المستشفيات الافتراضية خيال رواد القطاع الصحي منذ وباء "كوفيد-19" الذي قوض الوصول إلى العلاج الطبي بشكل كبير، إما بسبب الخوف من العدوى أو التكدس المبالغ فيه ببعض المستشفيات.
مع تطور تقنيات الواقع الافتراضي والأدوات التي تسخرها، أصبحت فكرة المستشفيات الافتراضية أقرب إلى الواقع، وبدأ تطبيقها في عدة أماكن حول العالم، وكما يوحي اسمها، فالمستشفيات الافتراضية هي مستشفيات تتخلى عن الموقع المركزي الفيزيائي، وتستبدله بوحدات افتراضية لمقابلة الأطباء والحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
الفارق بين المستشفيات الافتراضية والاستشارات الطبية الافتراضية
في بعض البلدان، يمكن للأطباء توفير استشارات طبية بشكل افتراضي عبر الأدوات مثل "زووم" و"غوغل ميت" وغيرها من أدوات الاجتماعات ومكالمات الفيديو، ورغم تشابه فكرة العمل بين هذه الاستشارات والمستشفى الافتراضي، فإن آلية تطبيق هذه الفكرة تختلف كثيرا.
فبينما يعمل الطبيب بشكل منفرد أو مع مساعديه المباشرين عبر الاستشارات الافتراضية، فإن المستشفى الافتراضي هو مستشفى بكامل معناه ولكن بشكل افتراضي فقط، أي أن المستشفى يملك قسم استقبال وقسم تحاليل وقسم تحاليل، ورغم أن هذه الأقسام جميعا تجمع البيانات بشكل مباشر من المريض، فإنها تقوم بعملها وقد تطلب تحاليل، وترسل فريقا للتحليل أو الحصول على الأشعة مباشرة من منزل المريض.
تفوق إداري
توفر المستشفيات الافتراضية آلية عمل أفضل من المستشفيات المعتادة، وهي تتيح لإدارة المستشفى التعامل مع المرضى وفرق العاملين بها بشكل أفضل من المستشفيات المعتادة، ففي النهاية يمكنك تجنب الازدحام في المستشفى سواء من العاملين أو الزائرين.
الوصول إلى الرعاية الطبية من أي مكان في العالم
تتيح المستشفيات الافتراضية ميزة لا يمكن التغاضي عنها للمرضى، إذ يمكن للمريض الوصول إلى الرعاية الطبية التي يحتاجها في أي مكان في العالم، ولنفترض بأن المريض مسافر لدولة أخرى في حالة سياحة وهو يحتاج لمراجعة طبيبه الذي يملك سجله المرضي، فبدلا من محاولة التوفيق بين الطبيب الجديد في البلد السياحي والطبيب المدرك للتاريخ المرضي، يمكن للمريض مراجعة طبيبه من خارج البلاد بكل سهولة.
تحديات جمة
ورغم كل هذه المزايا، فإن المستشفيات الافتراضية تواجه مجموعة متنوعة من التحديات، تكمن أغلبها في الحالات المرضية الطارئة أو التي تحتاج إلى مراجعة طبية شخصية، وفي هذه الحالة، يمكن للطبيب تحويل الحالة لأي مستشفى قريب أو التواصل حتى مع منشآت صديقة ومتابعة الحالة عن بعد.
نماذج ناجحة
وفي عام 2022، دشنت وزارة الصحة السعودية مستشفى "صحة" الافتراضي، لتكون الخطوة الأولى للتحول الرقمي للمستشفيات بالاعتماد على التقنيات الحديثة، وهي تعمل بالتعاون مع 224 مستشفى تقليدي، أتاحت لهم الوصول إلى خبرات نادرة في أكثر من 44 تخصصا دقيقا.
هل تنجح المستشفيات الافتراضية؟
تواجه فكرة المستشفيات الافتراضية العديد من التحديات مثل أي تقنية جديدة، ولكن مع ظهور المزيد من ابتكارات الرعاية الصحية وإتاحتها بسهولة للمستخدم المعتاد، قد تنجح هذه الفكرة وتلقى رواجا في بعض القطاعات الطبية.
ولكن من الأكيد أنها لن تحل محل المستشفيات التقليدية وذلك بسبب الحاجة لوجود هذه المستشفيات التي توفر كل ما يحتاجه المريض، ويمكنها أن تنقذ حياته في بعض الحالات.