أزمة ريال مدريد: تصرفات غير رياضية تؤثر على صورة اللعبة
كرة القدم تعتبر الرياضة الأكثر شعبية في أوروبا، دون أي جدل. وتُتابع بحماس كل نهاية أسبوع، وتُحلَّل وتُعلَّق عليها باهتمام كبير. الشباب يعشقونها ويطمحون إلى النجومية، والكبار متمسكون بها ويستحضرون ذكرياتهم من مواسم سابقة.
لكن الجانب الإعلامي يجعل من لاعبي ومدربي اللعبة شخصيات محورية يجب أن تكون قدوة. ويبدو أن هذا الدور أصبح صعبًا على الكثيرين: العنف ضد الحكام، دعوات للمقاطعة، الاحتجاجات المستمرة، والاتهامات بالفساد… تصرفات تضرب صورة اللعبة التي نحبها.
ريال مدريد في موسم 2024/2025
في موسم 2024/2025، كان ريال مدريد هو النادي الذي تكرر ظهوره بتلك السلوكيات السلبية. معروف عالميًا بإنجازاته المتتالية في دوري الأبطال، إلا أن موسمه الأخير اتسم بجو مختلف. فبينما خرج مبكرًا من المنافسة الأوروبية، لاقت التصرفات غير الرياضية للنادي انتباه الجميع.
وكان انضمام كيليان مبابي في صيف 2024، إلى جانب الأداء القوي الذي قدّمه فينيسيوس جونيور في الموسم السابق، مؤشرًا على موسم مليء بالطموحات. لكن مع بداية شهر مايو 2025، تحول الحديث من النتائج إلى التصرفات المثيرة للجدل التي صدرت عن الفريق.
يقول بابتيست مونفينور، مدرب نادي فيلفرانش بوجوليه: أثرت هذه التصرفات عليّ بشكل مباشر. طوال مسيرتي التدريبية، كانت قيم الاحترام والتواضع والالتزام والتميز هي الركيزة الأساسية في كل ما تعلمناه.今天، لا يمكنني إلا أن أسأل: عندما تصل إلى الاحتراف، هل يتبقى من تلك القيم شيئًا؟
الخاسر السيء
وأضاف، البداية كانت في أكتوبر الماضي خلال الاحتفال السنوي والتقليدي لجائزة الكرة الذهبية. فُهم فوز رودري لاعب مانشستر ستي على أنه إهانة لمدريد، لدرجة لم يحضر أي ممثل من النادي لتسلم بقية الجوائز. مؤكداً أنه وبهذا التصرف يبدو أنهم لم يتقبلوا فوز اللاعب الإسباني بالجائزة، وبدأوا في ممارسة ضغوط كبيرة على مجلة “فرانس فوتبول”. وتساءل هل هو عدم تقبل الخسارة أم شعور عميق بالإهانة؟ الواقع أن ريال مدريد قدّم صورة نادٍ غير قادر على تقبّل الهزيمة، بل ونادٍ يتحدى قرارات الجهات الخارجية.
وأشار مونفينور إلى أنه ومنذ تلك اللحظة، بدأ الفريق يفقد مستواه المعهود. ومع ذلك، بقي حتى مايو 2025 منافسًا على لقب الدوري الإسباني كوصيف للبطولة.
وأوضح أن، جزءاً من الجمهور يشعر أن هناك فسادًا يمارس ضد الفريق. رغم أن برشلونة فاز بجميع مواجهات الكلاسيكو هذا الموسم، إلا أن خسارة نهائي كأس ملك إسبانيا تركت مرارة لدى مشجعي ريال مدريد.
وبدأت التوترات في منتصف الأسبوع، عندما لم يتمكن الحكم ريكاردو دي بورغوس بينغويتكسيا من كتم دموعه وهو يتحدث عن الضغوط التي تعرض لها. سرعان ما نشر ريال مدريد مقطع فيديو يُشكك فيه في نزاهة الحكم.
وكان ختام هذا النهائي مشهدًا مثيرًا ومليئًا بالمفاجآت. إذ شهدت المباراة عددًا من القرارات التحكيمية الجدلية ضد برشلونة، زادت من حدة النقاشات حول موضوعية التحكيم.
ومع ذلك، خلال الوقت الإضافي، كان لاعبو ريال مدريد هم من انتابهم الغضب الشديد. الصور كانت صارخة: احتجاجات عنيفة، تصرفات غير مقبولة، ومقذوفات ألقيت على الحكم.
انتشرت حالة من الاستغراب إزاء تصرف لاعبين يفترض أنهم من أعلى المستويات، حيث لم يكن متوقعًا منهم الظهور بهذا الشكل أمام العالم أجمع. وجاء فوز برشلونة مصحوبًا بنهاية دراماتيكية للمباراة، شهدت طرد عدد من اللاعبين، أبرزهم المدافع الألماني أنطونيو روديجر، بعد أن رمى مقذوفات باتجاه الحكم.
ونوه إلى أنه وباستثناء الجانب الرياضي البحت، فإن هذا السلوك يطرح أسئلة أخلاقية حقيقية. كيف يمكن لأحد أعظم الأندية في العالم أن يُظهر مثل هذه التصرفات أمام الملأ؟ تلهمنا كرة القدم وتشغفنا عندما تكون في أفضل حالاتها، لكن هذه التجاوزات المتكررة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلك التي قام بها باولو فونسيكا، مدرب الفريق الأول، تكشف عن خلل عميق.
وقال بابتيست مونفينور، مدرب نادي فيلفرانش: نلاحظ بشكل متزايد سلوكيات عنيفة تجاه الحكام وتتصاعد بين اللاعبين حتى في صفوف الهواة. لكن كيف لنا أن نحاسب الآخرين إذا كانت المؤسسات العليا نفسها تجد صعوبة في ضمان تكافؤ الفرص؟
هناك حاجة ملحة إلى إطار عمل واضح وقابل للتطبيق. يلعب ريال مدريد ورئيسه فلورنتينو بيريز لعبة محفوفة بالمخاطر، حيث تُستخدم كرة القدم كأداة لتحقيق مكاسب اقتصادية، وتُحرف قيمتها لصالح الأقوى وليس الأفضل دائمًا. المشكلة ليست في وجود تجاوزات فقط، بل في تكرارها وفي من سيقع عليها الدور التالي.
يجب أن تكون العقوبات واضحة ورادعة، ويجب على الجهات المعنية التزام كلمة واحدة: الاحترام. كرة القدم ملك للجميع، وإذا فقد الاحترام، فإن الجوهر الحقيقي للعبة يفتقد.
وقال بابتيست: شخصيًا، أجد من الصعب تقبُّل أن يكون أحد أعظم الأندية في العالم في قلب هذا النوع من الجدل. أؤمن بأن زرع الاحترام المستمر واجب يشمل الجميع. كرة القدم لا تعيش فقط على الملاعب، بل بفضل المدربين واللاعبين والإداريين والجماهير الذين يشكلونها ويمنحونها الروح.
وأضاف: أنا مقتنع بأن الحل يبدأ بإحساس جماعي بالمسؤولية، وقدرة الجميع على التحرك معًا لتوجيه رياضةٍ بدأت تفقد توازنها لصالح الفردية والمكاسب الضيقة.
وقال: خلال السنتين الماضيتين، كنت أكتب عن رحلتي في التدريب الرياضي مع أولمبيك ليون، وعن مسيرتي الأدبية أيضًا. أحاول من خلال هذه القصة، وبأسلوب إنساني، فك شفرة بيئة أصبحت تُفضِّل الفرد على الجماعة. خطوة بخطوة، أحاول أن أذكِّر الناس بأهمية التعاطف المتبادل، وأعيد للقيم مكانها: الاحترام، والتواصل، والتضامن.
