هيثم سلمو: فنان الخط العربي
يشتهر بعض الخطاطين بتركيزهم على نوع محدد من الخطوط العربية، ليس لأنهم لا يتقنون الأنواع الأخرى، بل لأنهم لفرط إتقانهم لها اختطوا لأنفسهم سبلًا جديدة، بأساليب مبتكرة، في أنواع مختارة من تلك الخطوط، يقدّمون من خلالها رؤاهم الفنية الخاصة. وهو ما يفعلُه الخطاط السوري هيثم سلمو.
إتقان الخط العربي
يعد هيثم سلمو فنانًا متميّزًا بخبرته الرائدة في مجال الخط العربي التقليدي، حيث يقدم منجزًا مشهودًا من خلال تجربته الغنية في المشهد الخطي العربي. يُحدث بذلك مسلكًا خطيًا يتجه نحو التعبير في تأصيله للقوة التركيبية للحروف.
تخصص في الخطوط القديمة
يعرف سلمو بكونه من أشهر الخطاطين الذين تخصصوا في الخطوط القديمة، وخاصة خط المحقق. نفذ به العديد من لوحاته، ولكن بطريقة معاصرة تعتمد على التركيب الفني وفكرة التصميم المعماري والهندسي الذي يناسب مضمون العمل من حيث المعنى. يوظف العامل المشترك بين الحروف واستنباطها وتولدها من بعضها البعض، من دون التأثير في التسلسل القرائي للنص. يستخدم الألوان وقلم الجلي المحقق لإظهار حركة سير القلم وتدرجه على الورق.
لوحة "يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ"
المضمون الذي اختاره سلمو للوحة هنا هو نص الآية 25 من سورة المطففين، حيث يقول الله جلّ من قائل: {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ}. وهي آية تتحدث عن بعض ما وعد به عباده المؤمنين في الجنة، من خمر طيبة خاصة بهم، خالية من كل ما يكدر العقل أو يذهبه.
خط المحقق
كتب النص bằng خط المحقق، الذي يعتبر من أصعب الخطوط وأحسنها. فهو خط بديع وضخم، ذو جلال في نظر المشاهد، ويُرسم بشكل واحد بوضوح تام؛ مرسل الحروف وقليل التقويسات. لكل حرف فيه شكل ثابت، وليس بين حروفه من تشابه إلا ما يوجد بين حرفي الكاف واللام، غير الموجودين في هذه اللوحة. من خصائصه المميّزة أيضًا أن حروفه تنفذ بدقة، مع تحقيق أجزائها، وأن منتصباته أطول من مثيلاتها في سائر الخطوط الأخرى. ألِفه مستقيمة وعريضة، وحركاته وضوابطه أنيقة، حيث يتكامل فيه التجويد والتنسيق.
بصمة معاصرة
نفذ سلمو هذه اللوحة بأسلوبه المعتاد في معظم أعماله المكتوبة بخط المحقق. جاءت مركبة تركيبا معماريا محكما، يختلف قليلا عن الطريقة المعهودة في هذا الخط، وهو ما يبرز بصمته المعاصرة في هذا المنحى.
إضاءة على الفنان
ولد هيثم سلمو سنة 1970م، في مدينة الرقة بسوريا. تعلم الخط على يد عبدالله حسن، ثم أصبح منذ سنة 1999 مدرسًا للخط العربي بمركز الفنون التطبيقية والتشكيلية في حلب. وفي سنة 2007 تمت إجازته على يد الخطاط التركي الشهير حسن جلبي. له العديد من الأعمال الخطية في أماكن مختلفة، وكتب عدة أجزاء من القرآن الكريم. كما حصل على الكثير من الجوائز والتكريمات، من بينها المكافأة الدولية لمسابقة بنك البركة لفن الخط بإسطنبول سنة 2006. شارك في العديد من معارض الخط المحلية والدولية.