رسوم جمركية أميركية محتملة على الأدوية الأوروبية
تصاعد القلق
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن فرض رسوم جمركية على قطاع الأدوية المستوردة من الاتحاد الأوروبي سينتج عنه عواقب وخيمة، وذلك بعد أن لوح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية أعلى على قطاع الأدوية، ضمن خطته لإعادة ترتيب النظام التجاري العالمي وإعادة الصناعات التحويلية الحيوية إلى الولايات المتحدة.
وقال ترمب هذا الشهر إن “فرض الرسوم الجمركية على الأدوية قد يحدث في المستقبل غير البعيد”.
الصداعات التجارية
وذكرت الصحيفة أن المنتجات الدوائية والكيماوية تُعد أكبر صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، إذ تشمل دواء إنقاص الوزن “أوزمبيك”، وعلاجات السرطان، وأدوية القلب، ولقاحات الإنفلونزا.
وتُصنف معظم هذه المنتجات ضمن الأدوية ذات العلامات التجارية التي تحقق أرباحاً كبيرة في السوق الأميركية، بفضل ارتفاع الأسعار وأعداد المستهلكين الضخمة هناك.
الآثار على المستهلكين
وقالت ليا أوفريه، المسؤولة عن الشؤون الدولية في منظمة المستهلكين الأوروبيين، للصحيفة: “هذه أدوية حيوية تُبقي الناس على قيد الحياة، إن إدخالها في قلب حرب تجارية أمر مقلق للغاية”.
استجابة الشركات
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى إمكانية اتخاذ الشركات الأوروبية مواقف متباينة إزاء رسوم ترمب الجمركية، إذ أعلنت بعض شركات الأدوية بالفعل عن خطط لزيادة الإنتاج داخل الولايات المتحدة تفادياً للرسوم، وهو ما يسعى إليه ترمب، بينما قد تختار شركات أخرى نقل الإنتاج لاحقاً.
وفي المقابل، تبدو شركات أخرى متمسكة بمواقعها الحالية، لكنها قد ترفع أسعار الأدوية لتعويض الرسوم، ما قد يزيد التكلفة على المرضى، إذ بدأت بعض الشركات تجادل بضرورة أن تهيئ أوروبا ظروفاً أكثر ملاءمة لأعمالها، من خلال تفكيك بعض القواعد التي تُبقي أسعار الأدوية منخفضة.
التكتيكات المحتملة
وقد تسلك الشركات طريقاً وسطاً، فتقوم بتحويل أرباحها المالية إلى الولايات المتحدة لأغراض محاسبية لتجنب رسوم الاستيراد، مع إبقاء مصانعها في الخارج لتفادي التكاليف الباهظة لنقلها أو صعوبات إنشاء سلاسل توريد جديدة.
وحذرت مجموعة أوفريه المسؤولين الأوروبيين من أن الرد عبر فرض رسوم جمركية مماثلة على الأدوية الأميركية سيكبد المستهلكين الأوروبيين ثمناً باهظاً.
الصناعة المعقدة
ورغم ذلك، تبقى صناعة الأدوية معقدة، فالاتفاقات مع شركات التأمين والوكالات الحكومية قد تجعل من الصعب تعديل أسعار الأدوية ذات العلامات التجارية بسرعة، كما أن اللوائح الحكومية قد تجعل من نقل خطوط الإنتاج تحدياً طويل الأمد، والنتيجة أن أحداً لا يستطيع التنبؤ بشكل قاطع بما ستؤول إليه الأمور.
الركود التاريخي
وقال براد سيتسر، الخبير الاقتصادي في مؤسسة “مجلس العلاقات الخارجية” البحثية الذي درس عن كثب القواعد الضريبية المشجعة للإنتاج الخارجي، للصحيفة: “لم نفرض رسوماً جمركية على الأدوية منذ وقت طويل”.
الرسوم القائمة
ورغم أن ترمب علق مؤقتاً رسومه “القائمة على المعاملة بالمثل لصالح نسبة موحدة تبلغ 10%، فإنه أبقى على بعض الرسوم المفروضة على قطاعات معينة، موضحاً أن منتجات الرقائق الإلكترونية والأدوية ستكون التالية.
وأطلقت الولايات المتحدة مؤخراً تحقيقات في كلا القطاعين، في خطوة أولى نحو فرض تعريفات عليهما.
الرسوم الجمركية المحتملة
ويتوقع العديد من خبراء القطاع أن تصل نسبة الرسوم الجديدة إلى 25%، بما يتماشى مع تلك المفروضة على الصلب والألمنيوم والسيارات.
الآثار الإقليمية
وتشكل الرسوم الجمركية المحتملة مصدر قلق خاص للدول التي تشكل مركز صناعة الأدوية الأوروبية، ولا سيما إيرلندا، حيث تمثل المنتجات الدوائية 80% من إجمالي صادراتها إلى الولايات المتحدة.
الاستثمار في إيرلندا
وانتقلت العديد من شركات الأدوية إلى إيرلندا نظراً لما توفره من معدلات ضرائب منخفضة للغاية على الشركات، لكنها عملت أيضاً على تطوير صناعتها الدوائية، وأتاحت الوصول إلى قوة عاملة عالية المهارة.
النمو السريع
وخلال السنوات الأخيرة، حقق القطاع نمواً سريعاً؛ إذ تستضيف إيرلندا اليوم أكثر من 90 شركة أدوية، وفقاً لوكالة الاستثمار الأجنبي المباشر الإيرلندية، إذ صدّر قطاع الأدوية والكيماويات الإيرلندية العام الماضي، منتجات بقيمة 58 مليار يورو (نحو 66 مليار دولار) إلى الولايات المتحدة.
التحديات
وقال ترمب في مارس الماضي، خلال زيارة رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن إلى البيت الأبيض: “أنتم الإيرلنديون أذكياء، لقد أخذتم شركاتنا الدوائية وغيرها.. هذه الجزيرة الجميلة التي يسكنها 5 ملايين شخص تسيطر على صناعة الأدوية الأميركية بأكملها”.
الآثار المحتملة
وقد تؤدي الرسوم الجمركية إلى تقليص مزايا التصنيع في إيرلندا، وهو ما يسعى إليه ترمب.
الاستجابة الأميركية
وقال ترمب الأسبوع الماضي من المكتب البيضاوي: “لم نعد نصنع أدويتنا في الولايات المتحدة”، مضيفاً أن “شركات الأدوية موجودة في إيرلندا”.
الاستجابة الصناعية
وبدأت الشركات بالفعل بالاستعداد، إذ تُظهر الإحصاءات أن العديد منها يسارع إلى تصدير منتجاته الدوائية من إيرلندا إلى السوق الأميركية قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ.
الآثار الإقليمية العريضة
ولم تقتصر التداعيات على إيرلندا وحدها، إذ تُعد كل من ألمانيا وبلجيكا والدنمارك وسلوفينيا من كبار المصدرين أيضاً.
التواصل الدبلوماسي
وكثف القادة الأوروبيون اتصالاتهم بالمسؤولين الأميركيين وبقطاع الأدوية، فإلى جانب زيارة رئيس الوزراء الإيرلندي الأخيرة للبيت الأبيض، توجه وزير الخارجية الإيرلندي أيضاً إلى واشنطن للقاء وزير التجارة الأميركي.