تعطيل الموازنة: قرار سياسي يُضرب بعرض الحائط قانون الموازنة
في الوقت الذي تنتظر فيه العراق قانونًا ماليًا لتسيير شؤونه للعام 2025، يخرج عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر بالكشف عن معطيات جديدة، تشير إلى أن جداول الموازنة قد أُنجزت منذ شهر، لكنها لم تُرسل إلى البرلمان بناءً على قرار سياسي مباشر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
جداول الموازنة: جاهزة لكن لم تُرسل
قال النائب جمال كوجر في تصريح خاص، إن اللجنة المالية استضافت قبل شهر نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم، وسألته عن جداول الموازنة، فأجاب بأنها "أُنجزت وأُرسلت إلى مجلس الوزراء". أضاف كوجر: "الجداول موجودة منذ أكثر من شهر لدى مجلس الوزراء، وعدم إرسالها إلى البرلمان ليس بسبب أسعار النفط، بل بسبب رغبة السوداني بعدم منح الكتل فرصة لاستثمارها في الدعاية الانتخابية".
تأثير مباشر على المشاريع والرواتب
رغم توقف الموازنة، أكد كوجر أن الرواتب لن تتأثر هذا العام، لأن الحكومة ستعتمد نظام 1/12، أي اعتماد معدل الإنفاق الشهري للسنة السابقة. لكنه حذر من أن "المشاريع الجديدة ستُجمّد بالكامل، لأنه لا يمكن قانونًا إدراج أي مشروع جديد دون التصويت على جداول الموازنة". هذا يعني أن الرواتب مضمونة، لكن عجلة الاستثمار والتنمية ستتوقف، ما يعمّق الركود ويُفرّغ عام 2025 من أي تقدم حقيقي في البنى التحتية أو الخدمات.
بين ذريعة النفط والحساب السياسي
تصريحات جمال كوجر تتقاطع بشكل مباشر مع تسريبات سابقة من مجلس الوزراء، أشارت إلى أن تأخير الموازنة يعود لانخفاض أسعار النفط العالمية، وما تسبب به ذلك من "عجز كبير في الإيرادات".然而، يُخالف كوجر هذه الرواية، بقوله: "الجداول أُنجزت وأُرسلت إلى مجلس الوزراء منذ شهر، ولم يتم التصويت عليها لأسباب سياسية، لا علاقة لها بأسعار النفط".
الموازنة من أداة مالية إلى ورقة انتخابية
ما كشفه كوجر يُسلّط الضوء على تحول الموازنة من وثيقة مالية سيادية إلى ورقة سياسية حساسة يُدار توقيتها من أعلى سلطة تنفيذية. في ظل التحضيرات للانتخابات المحلية والبرلمانية، يبدو أن السوداني يتفادى الدخول في مساومات مع الكتل داخل البرلمان حول المشاريع والتخصيصات، ويخشى أن تُوظف الموازنة كأداة للتجييش الانتخابي.
بين الحساب السياسي والحاجة الاقتصادية
قد يكون قرار السوداني مفهومًا سياسيًا، لكنه لا يُبرر قانونيًا. فالإمساك بالموازنة لأسباب انتخابية يُعرّض الدولة إلى شلل جزئي، ويؤثر على استثمارات المحافظات، والخطط الوزارية، وعقود البنية التحتية. وفي وقت تتراجع فيه أسعار النفط، ويضيق هامش الإنفاق، فإن كل تأخير في إقرار الجداول يجعل الدولة تدور في حلقة مالية مفرغة: رواتب بلا إنتاج، ووعود بلا تنفيذ.