تحديات السلطة الجديدة في سوريا
الوضع الحالي
ما تزال تحديات وملفات عديدة تواجه السلطة الجديدة في سوريا، وذلك على الرغم من سقوط نظام الأسد البائد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024. في 26 من أبريل/ نيسان الجاري، عقدت غالبية القوى السياسية الكردية مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي" في مدينة القامشلي السورية.
رامي مخلوف وخطاب الانقسام
ظهر منشور نسب إلى رامي مخلوف، أبرز رموز الفساد في عهد النظام الاستبدادي، متحدثًا عن "مجزرة الساحل"، ومبشرًا بولادة "فتى الساحل"، و"إعادة تنظيم قوات النخبة" التي ادعى أنها تضم نحو 150 ألف عنصر، إلى جانب تشكيل لجان شعبية قوامها مليون شخص. وذهب إلى حدّ مطالبة المجتمع الدولي، وروسيا بوضع إقليم الساحل تحت رعايتهما المباشرة.
ردة فعل الناشطين
لم يتأخّر الناشطون من الساحل السوري في الرد على مخلوف والتبرؤ منه، كونه "لا يمثل العلويين، بل يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة، وسرقوا قوت السوريين". وأكدوا أن الطائفة العلوية "تتبرأ من هذا الخطاب الطائفي الانقسامي"، ولن تنجر وراء الأكاذيب والمؤامرات الاستخباراتية.
مؤتمر وحدة الصف والموقف الكردي
ما يثير السخرية المرّة هو حديث مخلوف عن "نصرة المظلومين"، كونه يشكل إهانة لذاكرة السوريين الذين ذاقوا ويلات نظام الاستبداد الأسدي، وكان شريكًا أساسيًا فيه. ولعل الخطير في الأمر هو أن الجهات المعادية للتغيير السوري تصعد من خطاب الانقسام الطائفي، والتفتيت المناطقي في مرحلة دقيقة تمر بها سوريا الجديدة، وتحاول التعافي من تبعات نظام الأسد، فيما توجه تلك القوى سهامها نحو ما تبقى من النسيج الوطني السوري، محاولة إعادة إشعال بؤر التوتر الطائفي والمناطقي.
رد فعل الرئاسة السورية
غير أن ما يستحق التوقف عنده هو مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي"، الذي خرج بمطالب وتوصيات أثارت جدلًا واسعًا بين عموم السوريين، واستدعى ردًا سريعًا من الرئاسة السورية، رفضت فيه أي محاولات فرض واقع تقسيمي، أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفدرالية أو "الإدارة الذاتية"، دون توافق وطني شامل، معتبرة أن وحدة سوريا أرضًا وشعبًا خطّ أحمر، وأي تجاوز يعدّ خروجًا عن الصف الوطني، ومساسًا بهُوية سوريا الجامعة.
الخلفية التاريخية
بداية، لا يعدُّ مؤتمر القامشلي هو الأوّل من نوعه بين القوى الكردية السورية، التي يشكّل كل من حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي قطبَيها الأساسيّين، فقد سبق أن عقدت مؤتمرات واجتماعات بين الطرفين في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، وبرعاية الزعيم الكردي العراقي مسعود البارزاني، ونتجت عنها اتفاق "هولير 1" الذي وقّعه في 11 يونيو/ حزيران 2012، كل من المجلس الوطني الكردي، و"مجلس شعب غربي كردستان" اللذين شكلهما حزب الاتحاد الديمقراطي، وحركة المجتمع الديمقراطي.
التحديات المستقبلية
لن تخرج الإجابة عن أن الحكومة السورية ليس أمامها سوى بذل مزيد من الجهود، وانتهاج لغة الحوار للتعامل مع التحديات التي طرحتها أحزاب المؤتمر، وكذلك لمواجهة التحديات الأخرى التي تواجهها في منطقة الساحل السوري والجنوب أيضًا، لأن بناء سوريا الجديدة يتطلب صدرًا واسعًا،。および
الاستنتاج
لذلك فضّلت الحوار مع قوات سوريا الديمقراطية (قسَد)، وجرى توقيع اتّفاق بين الرئيس أحمد الشرع، ومظلوم عبدي في العاشر من مارس/ آذار الماضي، أقرّ بأن "المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكل حقوقه الدستورية"، وذلك في خطوة سياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، تعكس تركيز الإدارة السورية على استعادة وحدة البلاد، وانفتاحها على منح الأكراد لا مركزية إدارية في المناطق التي يشكلون فيها أكثرية، وصون حقوقهم الثقافية والقانونية، مع حرصها على دمج قوات "قسد" في الجيش السوري الجديد.