هناك العديد من التقنيات المتعددة التي تجعل الواقع الافتراضي أكثر فاعلية؛ حيث يسهم في أن يوظفها من خلال معايشه أو يستفيد منها في البيئات التعليمية أو يتلقى من خلالها خبرة ثرية مدعومة بالواقع المعزز أو الافتراضي ناهيك عن تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي التي في حالة من التحديث والتطور المستدام، وهذا ما يصف ماهية الميتافيرس بصورة مبسطة.
بعض الأنشطة التي تخدم العملية التعليمية يصعب أن نمارسها في الواقع، وهنا نستعيض بماهية الواقع الافتراضي من خلال بيئة الميتافيرس؛ حيث يخرج المتعلم من البيئة الواقعية وينغمس في بيئة افتراضية يعيش من خلالها فعالية النشاط المستهدف، مستخدمًا نظارات أو قفازات أو شاشات عرض، وعبر تلك الأدوات يستطيع أن يتفاعل مع مهام أو ممارسات تعليمية؛ فيتجول الغابة بين الحيوانات البرية ويسبح في فضاء زاخم مفعم بحركة النجوم والكواكب، ويسير على الجبال بين الوديان ووسط لهيب البركان، أو يتابع مراحل التصنيع لمعدن الحديد وما يجري في الأفران التي الصهارة في درجات حرارتها القياسية، إلى غير ذلك من البيئات الافتراضية التي يلاحم فيها المتعلم العديد من الخبرات صعبة المنال.
عندما نلتقط أو نرسم صورة ما ونود الإضافة إليها أو عليها معلومات تثري من الخبرة المنشودة حولها أو عندما نقوم برسم مزيد من الكائنات في بيئات بعينها ونريد أن نراها كأنها على هيئتها الحقيقية؛ فإن تلكم الأمور صارت متاحة عبر تقنية الواقع المعزز، وهنا نكون قد نقلنا المتعلم مزيد من المعلومات التي تعزز العالم الحقيقي لديه، وهناك العديد من التطبيقات التي ساهمت في تحقيق تلك الغايات؛ حيث توافر إصدارتها عبر الهواتف الذكية والتابلت وكل الأجهزة المدعومة بالكاميرات الرقمية، وبالطبع تتحول الرسومات أو الصور من حالتها الاستاتيكية لحالة تفاعلية مبهرة تسهم في تعميق الخبرة وزيادة الفهم العميق للتفاصيل.
الميتافيرس بها خاصية تسهم في أن يختار كل متعلم ما يمثل صورته أو شخصيته أو تشير إلى ملامح طبيعته، وبالأحرى يستقرأ منها هويته في الواقع الفعلي، وهذا ما تقوم به أداة الصور الرمزية التي نسميها أفتار، وتلك المحاكاة الرقمية تزيد من انتباهه وتركيزه فيما يؤدي من مهام أو ممارسات عبر الأنشطة التعليمية التي تترجم الخبرات المرتقب اكتسابها والمحددة في أهداف إجرائية تم صياغتها سلفًا عبر سيناريو التخطيط.
أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أضحت مساهمة في بيئات الميتافيرس؛ ومن ثم تزيد من فعاليتها وتؤدي مهامًا ليست بالتقليدية أو القلية؛ فمن خلالها يستطيع المتدرب أو المتلقي أن يوظفها بصورة مثلي كي يحقق الغايات المنشودة منها، بل يتطرق الأمر لبوابات الابتكار التي من خلالها يصل لتصميمات تتسم بالجدة والأصالة وعمق التفاصيل، كما أن آليات قدح الأذهان تزداد من خلال الحوار الهادف مع الشات جي بي تي، وهذا بكل تأكيد يساعد المتعلم في معلومات تثري خبراته، بما ينمي لديه الرغبة في التعلم وحب الاستطلاع العلمي بشكل عام.
هنا نستطيع أن نخلق بيئة تعلم تفاعلية تدعم قدرات المتعلم وتجعله قادرًا على مواصلة التعلم، بل وتعزز ما لديه من خبرات وتصوب الخطأ منها؛ فعندما نرغب في أن ينغمس بشكل جزئي في الخبرة المستهدفة؛ فإننا نفتح له مسار الواقع المعزز، وإذا ما رغبنا في أن ينغمس بشكل كلي في الخبرة التعليمية؛ فإننا نوفر له بيئة الواقع الافتراضي؛ ومن ثم صارت الممارسة مرنة وفق طبيعة الخبرة ورؤى المعلم الذي يؤدي دورًا فاعلًا في اختيار صورة الواقع عبر البيئات الرقمية والشبكات الذكية.
الميتافيرس بيئة مرنة تحث على التعاون فيما بين الفئات المستهدفة، بل وتفتح الباب أمام التنافسية والوصول لمستويات الجودة والريادة فيما يؤديه المتعلمين من مشروعات تعليمية مرتبط بمجالات تعلمهم ووفق طبيعة السلم التعليمي الذي ينتسبون إليه؛ لذا يقع على كاهل المعلم صاحب المهارات التدريسية المتفردة مهام تصميم أنشطة تعليمية مفعمة بممارسات يؤديها المتعلم ويستطيع أن يمضي من خلالها قدمًا تجاه بناء المزيد من الخبرات التعليمية المنشودة.
مساحات الاختيار والمرونة في التناول بالبيئات التعليمية تتوقف في كليتها على الفكر الرشيد لدى المعلم الذي يمتلك المقدرة على رسم سيناريو فاعل ينغمس من خلاله المتعلمين في مهام تعليمية تحقق الغايات المرتقبة من موضوع ومجال التعلم بما يفي بالاحتياجات التعليمية ويدفع بالطموح لمزيد من البحث والتقصي، وهذا يشكل ماهية التعلم المستدام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.