الخرطوم: منعطف جديد في الحرب الأهلية
دخلت الأزمة السودانية منعطفا جديدا مع التطورات الميدانية الأخيرة في الخرطوم، حيث تمكّن الجيش من تحقيق اختراق إستراتيجي بعدة محاور، ما فرض واقعا مغايرا على قوات الدعم السريع التي تواجه خيارات صعبة.
تناولت الحلقة الجديدة من برنامج "بانوراما الجزيرة نت" هذه التطورات، مسلطة الضوء على تداعياتها السياسية والعسكرية، وموقف القوى الإقليمية والدولية منها، إضافة إلى السيناريوهات المحتملة للصراع الذي يزداد تعقيدا مع مرور الوقت.
أعلن الفريق عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش، تحرير العاصمة، بينما تواجه المليشيا المتمردة خيارات شبه مستحيلة بين الاستسلام أو التراجع نحو الغرب.
كشف ضباط في الجيش لـ"الجزيرة نت" تفاصيل حاسمة ساهمت في تحوّل المعركة، أبرزها فك الحصار عن الوحدات العسكرية المحاصرة، وتدفق الإمدادات القتالية بعد استعادة السيطرة على المدرعات والمراكز القيادية.
أرجع الكاتب والمحلل السياسي السوداني، ضياء الدين بلال انهيار قوات الدعم السريع إلى "القيادة الفوضوية والانهيار المعنوي"، مشيرا إلى أن المليشيا فشلت في الاحتفاظ بأي منطقة سيطرت عليها، وانسحبت بشكل عشوائي تاركة وراءها دمارا واسعا.
وتزامن ذلك مع تدمير البنية التحتية في المناطق المحرَّرة، لا سيما وسط الخرطوم الذي تعرّض للنهب والتخريب، بما في ذلك المتحف الجمهوري الذي تحوّل إلى أطلال.
السيطرة على القصر الجمهوري بداية النهاية للتمرد
أكد اللواء عبد المنعم عبد الباسط، قائد عمليات جنوب العاصمة، أن "المعارك لن تتوقف"، مشيرا إلى استمرار العمليات العسكرية في إقليمي دارفور وكردفان لملاحقة فلول المليشيا.
ورجّح مراقبون انكماش قوات الدعم السريع نحو دارفور، محذّرين من محاولاتها "قيادة تمرد جديد" هناك، وتعويض خسارتها عبر هجمات مسيّرة تستهدف البنى التحتية.
خيارات محدودة ومكلفة
يرى رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي أن "السيطرة على القصر الجمهوري بداية النهاية للتمرد"، معتبرا أن هزيمة المليشيا تُنهي أحلامَ من راهن على إضعاف الدولة.
وتوقع الباحث محمد علاء الدين أن تسعى المليشيا إلى "إقامة كيان شبيه بالنموذج الليبي" في دارفور للضغط سياسيا على الخرطوم، لكنه استبعد نجاحها في ظل التفوق العسكري الحكومي والدعم الشعبي المتصاعد.
خطر الحرب غير التقليدية
وحذّر مراقبون من تحوّل قوات الدعم السريع إلى حرب غير تقليدية، عبر خلايا نائمة لتنفيذ هجمات تخريبية في المناطق الآمنة، مستخدمة مسيّرات حديثة لاستهداف محطات الطاقة والاتصالات.
الجيش يرفع جاهزية وحداته الاستخباراتية
أكدت مصادر عسكرية أن الجيش يرفع جاهزية وحداته الاستخباراتية لمواجهة هذا السيناريو، بينما تشير تقديرات إلى أن المليشيا فقدت قدرتها على التأثير الإستراتيجي بعد خسارة العاصمة.
الخاتمة
في النهاية، يبدو أن الحرب الأهلية السودانية هي في منعطف جديد، مع تطورات ميدانية جديدة في الخرطوم، وتداعيات سياسية وعسكرية كبيرة. الخيارات أمام قوات الدعم السريع محدودة ومكلفة، ويبدو أن المليشيا فقدت قدرتها على التأثير الإستراتيجي بعد خسارة العاصمة. النهاية للتمرد بدأت، لكن خيارات الدعم السريع محدودة ومكلفة هي خوض معارك خاسرة بوضعها الضعيف، أو الاستسلام، أو الفرار عبر الحدود الغربية.
