تطور جديد في مجال الذكاء الاصطناعي: ابتكار خلايا عصبية اصطناعية تتعلم وتتطور بشكل مستقل
ما هي الخلايا الإنفومورمية؟
في تطور مثير في نطاق التشابك بين علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، أعلن فريق دولي من الباحثين عن ابتكار نوع جديد من “الخلايا العصبية الاصطناعية” يُمكنها أن تتعلم وتنظم نفسها بشكل مستقل، دون الحاجة لتوجيه خارجي. وحسب الدراسة، التي نشرها الباحثون في دورية “بي إن إيه إس”، فإن هذه الخلايا الجديدة تُعرف باسم “الخلايا الإنفومورمية”، وهو اصطلاح يعني “الخلايا العصبية ذاتية التنظيم المعتمدة على المعلومات”، وهي مصممة لتُحاكي طريقة عمل الخلايا العصبية الحقيقية داخل أدمغتنا.
شبكات عصبية
والخلايا العصبية الاصطناعية هي وحدات رياضية مُصممة لمحاكاة وظائف الخلية العصبية الحقيقية؛ إذ تستقبل مدخلات رقمية، وتعالجها، ثم تنتج قيمة معينة استنادا إلى آلية محددة للتعلم والمعالجة. ومن المعروف أنه في شبكات الخلايا العصبية التقليدية، التي تحاكي الدماغ وتستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحالية، يتم تنسيق التعلم من الخارج. بمعنى آخر، هناك دائما “مدرب” يُحدد لها ما الذي يجب أن تتعلمه، وكيف تتصرف، هذا المعلم هو الخوارزمية، التي تقود عملية التعلم.
الخلايا الإنفومورمية: نموذج جديد لشبكات عصبية
ولكن في الدماغ البشري فإن كل خلية عصبية تتفاعل مع الإشارات المحلية حولها وتتعلم بشكل مستقل. وحسب الدراسة، فإن الخلايا تحاكي هذا الأسلوب الطبيعي، فكل “خلية” تتعلم وتتكيّف بناء على المعلومات التي تصلها من البيئة المحيطة بها فقط، وهذا يجعل النظام أكثر مرونة وكفاءة من حيث استهلاك الطاقة.
مثال لشرح الفرق بين الشبكات التقليدية والإنفومورمية
لفهم الأمر، تخيل أن الشبكة العصبية الاصطناعية مثل فريق عمل، في حالة الشبكة التقليدية هناك فريق فيه “مدير صارم”، لا يحب أن يقرر أحد من نفسه، ولذلك فكل موظف (خلية عصبية) ينتظر أوامر من المدير، والمدير هو فقط من يحدد من يعمل، ومن يتوقف، ومن يتعاون مع الآخر، الفريق كاملا ينجز مهامه بناء على تعليمات خارجية.
هكذا تعمل الشبكات العصبية التقليدية، فكل خلية عصبية تتبع تعليمات محددة مسبقا (من الخوارزمية)، وتتغير فقط عندما يقوم المدرب بتحديث. على الجانب الآخر، فإن الشبكة الإنفومورمية تشبه فريقا ذكيا بدون مدير، وهنا يقوم كل موظف بمراقبة البيئة من حوله، ويقرر ما هو الضروري.
النتائج والآمال للمستقبل
هذا الإنجاز يمثل خطوة نحو تقليد كيفية تعلّم الدماغ البشري، مما قد يؤدي إلى ذكاء اصطناعي أكثر طبيعية وأقل اعتمادا على البرمجة الصارمة. وفي الاختبارات الأولية، بدلا من إعطاء كل خلية “قواعد محددة للتعلم”، قام الباحثون بتحديد أهداف عامة فقط، وتركوها “تكتشف بنفسها” القواعد التي تحقق تلك الأهداف.
بعد ذلك، استُخدم مقياس رياضي قائم على نظرية المعلومات لتمكين كل خلية من اتخاذ قرارات حول أسئلة مثل: هل تتعاون مع خلايا أخرى أم تعمل باستقلالية أم تتخصص في نوع محدد من المعلومات؟ وقد استجابت تلك الخلايا الاصطناعية بفاعلية.
هذا النوع الجديد من الخلايا يوفر نموذجا مختلفا يمكن أن يكون مفيدا جدا مستقبلا للتعلم الآلي، حيث تتعلم الخلايا العصبية بنفسها من دون الحاجة لتدريب خارجي مكثف، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وتكيّفا وواقعية.