أطول الخطابات
مفردة "خطاب" تعبر عادة عن نص لا يتجاوز إلقاؤه بضع دقائق، ومن الممكن أن يصل في أقصى الحالات إلى ساعة، لكن السيناتور والنائب الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي الأميركية كوري بوكر، مع بعض من رجالات السياسة عبر التاريخ، كسر العرف السائد في تعريف الخطاب لدرجة وصلت إلى تحطيم رقم قياسي سجل باسمه في هذا المضمار، إذ بلغت مدة الخطاب 25 ساعة وأربع دقائق أمام الكونغرس الأميركي.
عند الساعة السابعة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة في الـ31 من مارس (آذار) الماضي، ألقى السيناتور بوكر كلمة تحدث فيها مطولاً ضد إدارة ترمب، متوقفاً بين الحين والآخر للإجابة عن أسئلة طرحها أعضاء آخرون في مجلس الشيوخ، وتوقف عن الكلام في قاعة المجلس الساعة 20:06 مساء الأول من أبريل (نيسان) الجاري.
بوكر كسر الرقم القياسي السابق للسيناتور ستروم ثورموند الذي كان متربعاً على العرش لأطول فترة ظهور في قاعة مجلس الشيوخ عندما تحدث 24 ساعة و18 دقيقة ضد قانون الحقوق المدنية عام 1957.
غاية الخطاب
جاء خطاب كريشنا مينون عام 1957 أمام الأمم المتحدة مفاجئاً للحاضرين بعدما وقف سبع ساعات متتالية يتحدث عما عرف آنذاك بـ"أزمة كشمير"، ودافع خلاله عن موقف بلاده من قضية كشمير كمنطقة حدودية متنازع عليها مع باكستان، وعمد مينون إلى إطالة الخطاب بصورة مبالغ فيها بهدف إعطاء الفرصة للجيش الهندي لإعادة تموضعه وتعزيز قوته العسكرية في الوقت ذاته، فما إن وصل إلى حدود السبع ساعات واقفاً يتحدث في هذا السياق حتى سقط على الأرض منهكاً، فاضطروا إلى نقله للمستشفى، ولكنه ما لبث أن عاد مع طبيبه ليستأنف خطابه ساعة أخرى، وبذلك تكون مدته ثماني ساعات كأطول خطاب في الأمم المتحدة، وعلى إثر ذلك أصبح مينون وزيراً للدفاع الهندي ولقب بـ"الثعلب" و"بطل كشمير المعظم".
سر الوقوف مطولاً
وبينما وقع كريشنا مينون أرضاً من التعب بعد سبع ساعات من خطابه، استمر بوكر واقفاً طوال فترة إلقائه الخطاب الماراثوني ولم يغادر القاعة لأخذ استراحة لأنه كان سيفقد السيطرة على قاعة مجلس الشيوخ لو غادر مكتبه أو جلس، وانضم إليه أحياناً أعضاء آخرون من مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين أسهموا في الحديث وطرح الأسئلة، مانحين إياه بهذه الطريقة استراحة لدقائق، لكن بوكر حصل على استراحة قصيرة عند الظهر، فترأس قسيس مجلس الشيوخ باري بلاك صلاة يومية، وذكر خلالها مساعدي المجلس وضباط الشرطة الذين سهروا طوال الليل لإتمام الخطاب.