السياسات التجارية الأميركية وتأثيرها على السوق العالمية
السياسات التجارية وتشكيل السوق العالمية
تُعدّ السياسات التجارية للولايات المتحدة عاملاً محورياً في تشكيل ملامح السوق العالمية، خصوصاً في ما يتعلق بأسعار السلع الأساسية، فمن خلال فرض التعريفات الجمركية، والدخول في حروب تجارية، تسير واشنطن إلى تغيير خريطة التدفقات التجارية وأسعار السلع من النفط إلى الليثيوم.
سوق النفط والغاز
يقول دان ييرغن، خبير الطاقة في شركة IHS Markit "السياسات التجارية الأميركية تُحدِث حالة من عدم اليقين، ما يدفع الدول المنتجة لتقليص أو زيادة الإنتاج استباقاً لأي تصعيد تجاري". وقالت وكالة الطاقة الدولية، يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025، إن الطلب العالمي على النفط يتوقع أن ينمو هذا العام بأبطأ وتيرة منذ خمس سنوات، كما أن ارتفاع الإنتاج الأميركي سيتباطأ أيضاً، وذلك بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شركاء التجارة وردودهم الانتقامية.
تأثير السياسات التجارية على أسعار النفط
قال ييب جون رونغ، محلل الأسواق في شركة IG: "لا يزال المستثمرون يواجهون صعوبة في إيجاد حافز يدفع الأسعار إلى تعافٍ قوي، خاصة في ظل التوقعات بتباطؤ النمو العالمي نتيجة الرسوم الأميركية، وهو ما يهدد الطلب على النفط". وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط هذا العام من المتوقع أن يرتفع بمقدار 730 ألف برميل يومياً، بانخفاض حاد عن توقعات الشهر الماضي البالغة 1.03 مليون برميل يومياً، هذا التخفيض في التوقعات أكبر من الخفض الذي أعلنت عنه منظمة أوبك يوم الاثنين.
تأثير السياسات التجارية على أسعار الغذاء
فرض الرسوم على صادرات الصويا والذرة بين أميركا والصين أثّر بشكل مباشر على المزارعين الأميركيين، وأدى لتقلبات في الأسعار العالمية. فمع ارتفاع تكاليف النقل واللوجستيات نتيجة التعريفات، ارتفعت أسعار الحبوب والسكر والبن عالمياً. وتعد الدول النامية من أكثر المتأثرين بالسياسات التجارية لترامب؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي تضخم غذائي في الدول المستوردة للغذاء.
تأثير السياسات التجارية على المعادن الحيوية
جاء استخدام ترامب للرسوم الجمركية لتصعيد الحرب التجارية مع الصين، ليدفع بكين إلى اتخاذ إجراءات انتقامية مضادة، لكن إلى جانب الرسوم الجمركية، استخدمت بكين سلاحاً اقتصادياً آخر في ترسانتها، والذي يمكن أن يكون له تأثير أقوى، وهو قدرتها على التحكم في الإمدادات العالمية من المعادن النادرة، وبالتالي رفع أسعار هذه المعادن. ويقول الدكتور ويليام ماتيوز، زميل الأبحاث البارز ببرنامج آسيا والمحيط الهادئ بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إنه من خلال تقييد الوصول إلى هذه المعادن الحيوية، تمتلك الصين القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بصناعة الدفاع الأميركية، وتقويض الطموحات الأوسع لدى إدارة ترامب لإعادة التصنيع.
الخلاصة
ختاماً، السياسات التجارية الأميركية تُعتبر أداة مؤثرة في تسعير السلع الأساسية، سواء بشكل مباشر عبر العقوبات أو غير مباشر عبر اضطرابات سلسلة التوريد؛ لذا يوصي الخبراء بمراقبة العلاقات الأميركية الصينية كعامل حاسم في مستقبل أسعار الغذاء والطاقة والمعادن.