لا أحد يُنكر دور الفن كأحد تجليات القوة الناعمة، لذا، دوره في تعزيز الوعى كبير وجليل، باعتباره رسالة هادفة ترتقي بالإنسان، وتهذب الوجدان، وتوسع الأفاق، والأهم دوه في تعزيز القيم البناءة، وما نود أن نسلط الضوء عليه، خطورة السماح بالابتذال وتقديم فن هابط، والسماح بسيطرة الثقافة السطحية على مجتمعنا، جراء الجرى وراء الترند، والبحث عن الشهرة والمال، بعيدا عن الإبداع الحقيقى، وبعيدا عن الالتزام بالقواعد والمعايير الفنية والأخلاقية التي تتناسب مع المجتمع وتقاليده وأعرافه بداعى حرية الفن والإبداع.
لذا، ما يجب أن ننتبه إليه أن الفن والإبداع الحقيقى هو من يٌساهم في بناء مجتمع مثالي ، من خلال تعزيز الهوية الوطنية والثقافية والتاريخية لديه باعبتاره من وسائل وأدوات التثقيف بتاريخ الأمم والشعوب والتعريف بنتاجات الحضارات المختلفة وعنوان للحاضر والمستقبل.
لأن الابتذال – أيا كان نوعه أو صورته – خطر حقيقى على صناعة القدوة والنموذج في المجتمع، بل يُزيد من الاحتقان بين الفئات المجتمعية خاصة لدى من يبحثون عن تعليم أبنائهم ومن يحرصون على التربية السليمة لأبنائهم، لأن من شأنه تهديد منظومة القيم وإفساد الذوق العام.
وهو ما يتطلب رفض الابتذال بكل صوره وأشكاله من خلال السعى بجدية نحو إلقاء الضوء على النماذج والرموز الإيجابية في المجتمع حتى يتخذها أبناء هذا الجيل قدوة لهم، ويعزز مكتسبات الجمهورية الجديدة في مجال تعزيز القوة الناعمة للدولة المصرية، خاصة أن مصر بذلت ولا تزال تبذل جهودا كبيرة – ماديا – وفنيا – خلال السنوات الماضية لإعادة الريادة للفن.
وأعتقد، أنه لن تعود الريادة الفنية إلا إذا تعاملنا مع الفن باعتباره رسالةً يسعى من خلالها إلى الارتقاء بالمجتمع، والعمل على وحدته وترابطه وتقوية الأواصر بين أفراده، هنا – فقط – يكون الفن أحد أدوات محاربة الفكر المتطرف، بل ويٌشكل حائط صد لمواجهة العنف والكراهية والتمييز والسطحية والتفاهة.
ولن تتأتى هذه الريادة الفنية – أيضا – إلا عندما يسعى صناع الدراما إلى توظيف أعمالهم الفنية في مُساندة المجتمع للخروج من أزماته، ومواجهة التحديات والصعاب التي تواجهه، وحشد جميع الطاقات الإبداعية بهدف مواجهة الابتذال والتطرف وزيادة الوعي في المجتمع..